12 min read
02 Jun
02Jun

هل يمكن تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة؟ تسعى المؤسسات باستمرار إلى تكييف أطرها القانونية والتنظيمية بما يخدم طموحاتها التوسعية وأهدافها الاستراتيجية.

 ويتناول هذا المقال إجراءات تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة، مستعرضًا الإطار القانوني المنظم لها، وأهم المزايا الجوهرية والتحديات المحتملة التي قد تواجه الشركات أثناء هذا التحول. 

الشركة المساهمة المغلقة

هي نوع من أنواع الشركات المعتمدة في نظام الشركات السعودي، تتميز بكونها مملوكة لعدد معين من المساهمين، ولا يمكن طرح أسهمها للتداول في الأسواق المالية.

 يتمتع المساهمون في هذا النوع من الشركات بالحماية القانونية ضد التزامات الشركة المالية، بمعنى أنه إذا واجهت الشركة صعوبات مالية أو تراكمت عليها ديون، فإن أصول المساهمين الشخصية "مثل منازلهم، سياراتهم، حساباتهم المصرفية" تكون محمية ولا يمكن استخدامها لسداد ديون الشركة.  

شروط تأسيس شركة مساهمة مغلقة في السعودية

  1. ألا يقل عن 500 ألف ريال سعودي.
  2. ألا يقل عدد المساهمين عن اثنين.
  3.  إيداع كامل رأس المال في بنك معتمد وتقديم شهادة الإيداع.
  4. إعداد نظام أساسي للشركة يتضمن التفاصيل الأساسية.
  5. الحصول على سجل تجاري وترخيص من وزارة التجارة. 


أوجه الاختلاف بين الشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات المساهمة

تعد الشركات ذات المسؤولية المحدودة كيانات مرنة، تحوط شركاءها بدرع قانوني يقصر التزاماتهم المالية على حدود استثماراتهم الرأسمالية، ويوفر لهم مستوى كافي من الحماية الشخصية. 

وعلى النقيض من ذلك، تتجلى الشركات المساهمة كصروح اقتصادية أوسع نطاقًا، قادرة على استقطاب رؤوس الأموال الضخمة عبر آليات طرح الأسهم، سواء للجمهور العام أو لفئات محددة من المستثمرين.

 ويؤكد الخبراء أن الانتقال نحو نموذج الشركات المساهمة يمثل قفزة نوعية تفتح آفاقًا واعدة لتنمية الأعمال وتوسيع نطاقها التمويلي، ومع ذلك يتطلب الأمر الالتزام بمنظومة قانونية وتشريعية ذات معايير أكثر دقة وصرامة. 

إجراءات تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة

يمكن تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة بعد إتمام الإجراءات القانونية التالية:

  1.  الحصول على موافقة كافة الشركاء أو أغلبيتهم المحددة في عقد تأسيس الشركة على قرار التحويل.
  2.  التعديل على عقد تأسيس الشركة ليواكب تحولها إلى شركة مساهمة، على أن يتضمن التعديل بيانًا تفصيليًّا لرأس المال المصرح به والمصدر والمدفوع، وعدد الأسهم المصدرة وأنواعها وقيمتها الاسمية.
  3.  إيداع رأس المال المصرح به بالكامل أو جزء منه وفقًا لأحكام نظام الشركات المساهمة ولائحته التنفيذية، على ألا يقل رأس المال المودع عن الحد الأدنى المقرر قانونًا للشركات المساهمة.
  4.  رفع طلب تحويل الكيان القانوني للشركة إلى وزارة التجارة، وإلى هيئة السوق المالية في حال كانت الشركة مساهمة عامة، على أن يُرفق بالطلب كافة المستندات النظامية والقانونية اللازمة، مثل: قرارات الشركاء أو الجمعية العمومية غير العادية المتضمنة الموافقة على التحويل والنظام الأساسي المعدل للشركة.
  5.  نشر إعلان رسمي بالتحويل في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين محليتين على الأقل واسعتي الانتشار، وذلك لإعلام الكافة والجمهور والمستثمرين على وجه الخصوص بالتحول القانوني للشركة.
  6.  تحديث بيانات السجل التجاري للشركة بما يعكس وضعها القانوني الجديد كشركة مساهمة مغلقة. 

المزايا القانونية والتجارية المترتبة على التحول إلى شركة مساهمة

ينطوي قرار تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة على العديد من المزايا الهامة التي تعود بالنفع على الشركة في جوانبها القانونية والتجارية على حد سواء، وأهمها:

جذب واستقطاب المستثمرين

تتمتع الشركات المساهمة بآلية أكثر فعالية ومرونة في تجميع رؤوس الأموال اللازمة لتوسيع أعمالها وتمويل مشاريعها.

وهذا يتحقق من خلال إمكانية إصدار وطرح الأسهم على المستثمرين سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، مما يتيح للشركة قاعدة أوسع من المساهمين وإمكانيات تمويلية أكبر بكثير مقارنةً بالأنواع الأخرى من الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو التضامنية.

 تعزيز مستوى المصداقية والشفافية

يلزم القانون الشركات المساهمة بمعايير إفصاح أكثر صرامة وشفافية، وهذا يتضمن الالتزام الدوري بنشر قوائمها وتقاريرها المالية المدققة وبياناتها المتعلقة بأداء الشركة وإدارتها. 

وتساهم هذه الشفافية بشكل كبير في بناء الثقة لدى المستثمرين الحاليين والمحتملين، بالإضافة إلى تعزيز سمعة الشركة ومصداقيتها في السوق.

التوسع والنمو في الأسواق

قد يكون التحول إلى شركة مساهمة خطوة استراتيجية ضرورية للشركة التي تطمح إلى التوسع في نطاق عملياتها ودخول أسواق جديدة سواء كانت محلية أو دولية.

كما أن هذا التحول يسهل في حالات كثيرة عملية الحصول على تمويل خارجي إضافي من خلال المؤسسات المالية والبنوك، نظرًا للموثوقية والشفافية التي تتمتع بها الشركات المساهمة.

ضمان استمرارية الشركة واستقرارها على المدى الطويل

تتميز الشركات المساهمة بمبدأ استقلالية الذمة المالية للشركة عن الذمم المالية لمساهميها. ومعنى ذلك، أن انسحاب أو وفاة أحد المساهمين فيها لا يؤدي بشكل مباشر إلى حل الشركة أو التأثير على استمراريتها في ممارسة أعمالها.

وهذا يضمن استقرار الشركة واستمراريتها على المدى الطويل، مما يعزز ثقة الأطراف المتعاملة معها. 

أهم تحديات تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة

هناك مجموعة من التحديات القانونية والإدارية التي قد تواجه عملية تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة وتتطلب معالجة دقيقة، أهمها:

  1.  الأعباء المالية المترتبة على التحويل، والتي تتضمن النفقات القانونية والإدارية، بما في ذلك رسوم التسجيل، أتعاب الاستشارات القانونية..الخ.
  2.  الخضوع لنظام قانوني أكثر تعقيدًا، يتمثل في الالتزامات التنظيمية والإفصاحية، الأمر الذي قد يلقي تبعات إضافية على عاتق الإدارة، ويتطلب تخصيص موارد ووقت أطول لضمان الامتثال الكامل لأحكام القانون.
  3. في حال قررت الشركة طرح جزء من أسهمها للجمهور "الاكتتاب العام"، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقليل سلطة الإدارة الحالية، بسبب دخول مساهمين جدد يمتلكون حصصًا في الشركة ولهم حقوق في اتخاذ القرارات من خلال التصويت، مما يقلل من النفوذ المطلق للإدارة السابقة.

 لذا، ينصح دائمًا بالحصول على استشارات قانونية من محامي معتمد لإجراء تقييم شامل لهذه التحديات قبل الشروع في عملية تحويل، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان تجاوزها بأقل قدر ممكن من الآثار السلبية على سير أعمال الشركة ومصالحها. 


نصائح قانونية قبل تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة

يمثل تحويل خطوة مهمة تتطلب مراعاة مجموعة من الأمور القانونية لضمان انتقال سلس وناجح يحقق أهداف الشركة ويتوافق مع أحكام القانون السعودي، لذا ينصح المحامون المتخصصون بضرورة مراعاة جملة من الاعتبارات الهامة، على النحو التالي:

  1. إجراء فحص قانوني شامل للشركة القائمة، يشمل عقودها والتزاماتها وسجلاتها القانونية وحقوق الملكية الفكرية وأي نزاعات قضائية قائمة أو محتملة، وذلك بهدف تحديد أي مخاطر أو التزامات قانونية قد تؤثر على عملية التحويل أو على الشركة بعد تحولها.
  2.  التأكد من استيفاء الحد الأدنى لرأس مال الشركة المساهمة المغلقة المنصوص عليه في القانون، وتقدير قيمة أصول الشركة وحصص الشركاء بشكل دقيق، كما ينبغي إعداد المستندات المالية اللازمة وتقديمها للجهات المختصة وفقا للإجراءات المحددة.
  3.  إعداد عقد تأسيس ونظام أساسي جديدين للشركة المساهمة المغلقة، بما يتوافق مع أحكام نظام الشركات الجديد ولائحته التنفيذية، ويحدد حقوق وواجبات المساهمين وهيكل إدارة الشركة وآليات اتخاذ القرارات.
  4.  تحديد كافة الموافقات والتراخيص الحكومية اللازمة لإتمام عملية التحويل، والبدء في إجراءات الحصول عليها في الوقت المناسب.
  5.  إبلاغ جميع الأطراف ذات العلاقة بعملية التحويل، مثل الدائنين والعملاء والموردين، وفقًا لما يقتضيه القانون أو العقود المبرمة معهم.
  6.  الاستعانة بمستشار قانوني ذو خبرة في مجال الشركات التجارية لسهولة الإحاطة بالشروط النظامية والقانونية ذات الصلة، وتفادي الوقوع في أي مخالفات قد تعيق عملية التحويل أو تترتب عليها أي آثار قانونية سلبية. 

ختامًا، يمثل قرار تحويل شركة ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمة مغلقة خيارًا استراتيجيًا يحمل في طياته آفاقًا واعدة للنمو والتوسع، ولكن نجاح هذه العملية يتطلب التزامًا دقيقًا بكافة المتطلبات القانونية والإجرائية، واستشارة الكفاءات القانونية المتخصصة لضمان انتقال سلس وفعال يحقق الأهداف المرجوة ويتوافق مع الأطر القانونية المعتمدة.



Comments
* The email will not be published on the website.