1 قراءة دقيقة
02 Oct
02Oct

في واقع الأمر إذا أردنا التحدث عن الإستثمار الأجنبي في السعودية سنجد بطبيعة الحال أن المملكة العربية السعودية من أكثر المناطق الجاذبة للإستثمارات الأجنبية في المنطقة، فهي الأرض الخصبة والملائمة لتمركز الكثير من تلك الإستثمارات الأجنبية على أرضها، ومن ناحية أخرى تعمل المملكة العربية السعودية جاهدة يوم بعد يوم على تهيئة تلك الأجواء الإستثمارية، حيث أن أكثر ما يبحث عنه المستثمر الأجنبي البيئة التشريعية الجذابة والميسرة لعمليات الإستثمار، وكذلك الضمانات الحامية لأموال المستثمر، وأيضاً المزايا والإعفاءات المحفزة للتوجه لبدء الإستثمار، ولهذا حرصت المملكة العربية السعودية على سن تشريعات تعد بمثابة الأداة المحفزة للمستثمر الأجنبي لتوجيه إستثمارته إلى أراضي المملكة، ومنها نظام الإستثمار الأجنبي في السعودية رقم الصادر في عام 1421هـ، ولائحته التنفيذية الصادرة في عام 1435هـ، وما يستجد عليهما من تطوير وتحديث يواكب التغيرات العالمية المتعلقة بمجال الإستثمار، وكذلك دليل الخدمات الإستثمارية الصادر عن وزارة الإستثمار عام 2022م، بالإضافة إلى نظام الشركات ونظام السجل التجاري ونظام الغرف التجارية ونظام العلامات التجارية ونظام حماية حقوق المؤلف، ونظام الوكالات التجارية نظام الإستثمار التعديني ونظام الإقامة المميزة إلى غير ذلك من الأنظمة المخصصة للإستثمار الأجنبي، فالمملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على أن تكون على قمة الدول الجاذبة للإستثمار وأن تكون أفضل الأسواق الإستثمارية العالمية بحلول عام 2030م، فتلك ضمن أحد أهداف رؤيتها الإقتصادية. وبالرجوع لما نصت عليه الأنظمة التشريعية المخصصة للإستثمار الأجنبي على أراضي المملكة العربية السعودية نجد أنها وضعت بين يدي المستثمر الأجنبي كافة الضوابط والإجراءات التي تسهل له القيام بإستثماراته بشكل فعال، وكذلك كشفت عن المزايا والإعفاءات التي تمنح للمستثمر كأداة تفضيلية لجذبه للأسواق السعودية، وعلى أثر أهمية الإسثمار الأجنبي في السعودية وتأثيره على الإقتصاد الوطني، سوف نسلط الضوء في هذا المقال على كافة النقاط الهامة بالنسبة للمستثمر الأجنبي الراغب في بدء إستثماراته في المملكة العربية السعودية، وبالأخص الإلمام بكافة شروط وإجراءات الحصول على ترخيص الإستثمار في السعودية. 

أولاً: تعريف الإستثمار الأجنبي

جاءت المادة الأولى من نظام الإستثمار الأجنبي في السعودية ولائحته التنفيذية لتعرف من هو المستثمر الأجنبي في المملكة العربية السعودية، فهو كل فرد لا يتمتع بالجنسية العربية السعودية، وأيضا كل منشأة لا يتمتع جميع الشركاء فيه بالجنسية العربية السعودية، ويقوم هذا المستثمر الأجنبي داخل أراضي المملكة بما يسمى الإستثمار الأجنبي، وهو عبارة عن توظيف رأس ماله الأجنبي في نشاط مرخص له، ويتمثل رأس مال المستثمر الأجنبي على سبيل المثال وليس الحصر في كل أمواله وحقوقه، كالنقود والأوراق المالية والأوراق التجارية، وأرباح الإستثمار الأجنبي عند توظيفها في زيادة رأس المال أو توسعة مشاريع قائمة أو إقامة مشاريع جديدة، وكذلك أيضاً الآلات والمعدات والتجهيزات وقطع الغيار ووسائل النقل ومستلزمات الإنتاج والعقارات ذات الصلة بالإستثمار، وأيضا الحقوق المعنوية مثل التراخيص وحقوق الملكية الفكرية والمعرفة المهنية والمهارات الإدارية وأساليب الإنتاج. 


ثانياً: ترخيص الإستثمار الأجنبي والشكل القانوني للمنشأة الإستثمارية

أفادت المادة الثانية من نظام الإستثمار الأجنبي والمادة الثانية أيضاً من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي بضرورة الحصول ترخيص من وزارة الإستثمار في السعودية سواء كان بصفة دائمة أو مؤقتة لإستثمار رأس المال الأجنبي في أي نشاط إستثمارى، وتبت الوزارة وتصدر قرار موافقتها على الترخيص خلال ثلاثين يوم عمل من تاريخ إستيفاء المستندات المطلوبة، كما أنه إذا مضت مدة ثلاثين يوم دون بت من وزارة الإستثمار السعودية في طلب الترخيص، وجب على الوزارة إصدار الترخيص المطلوب للمستثمر. والجدير بالذكر هو أشكال المنشآت الإستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تقام داخل أراضي المملكة العربية السعودية، حيث نصت المادة الرابعة من نظام الإستثمار الأجنبي والمادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي، أن الإستثمارات الأجنبية تكون في السعودية أما في شكل منشآت مملوكة لمستثمر سعودي ومستثمر أجنبي، أو منشآت مملوكة بالكامل لمستثمر أجنبي. كما يقتصر الشكل القانوني لتلك المنشآت على شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة مساهمة، أو فرع شركة أجنبية، أو أي شكل قانوني أخر يصدر قرار بشأنه من وزارة الإستثمار. 

ثالثاً: شروط منح الترخيص للمستثمر الأجنبي

جاءت المادة السادسة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي في السعودية موضحة لكافة الضوابط والشروط الواجب توافرها أو المتعين على المستثمر الأجنبي القيام بها للحصول على ترخيص إستثماره الأجنبي داخل أراضي المملكة العربية السعودية، حيث يجب ألا يكون النشاط الإستثماري المطلوب الترخيص له ضمن قائمة الأنشطة المستثناة من الإستثمار الأجنبي والمنصوص عليها في دليل الخدمات الصادر عن وزارة الإستثمار عام 2022م، وهي بالنسبة للأنشطة المستثناة في قطاع الصناعة يستثنى نشاط إستكشاف المواد البترولية والتنقيب عنها وإنتاجها ولا يشمل ذلك الخدمات المتصلة بمجال التعدين المصنفة دولياً بأرقام (883 زائد 5115)، وبالنسبة للأنشطة المستثناة في قطاع الخدمات تستثنى خدمات التأمين الإعاشة للقطاعات العسكرية، والتحريات والأمن، والإستثمار العقاري داخل مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وخدمات الإرشاد السياحي ذات العلاقة بالحج، وخدمات التوظيف الأهلية، والوكلاء التجاريون بالعمولة المصنفة دولياً بالرقم (621)، وصيد الثروات المائية الحية. كما يشترط أيضاً للحصول على ترخيص الإستثمار الأجنبي، أن تكون المواصفات الفنية للمنتج وأسلوب إنتاجه مطابقة للمواصفات السعودية أو الخليجية أو الدولية، وألا يكون طالب الترخيص قد صدرت ضده أحكام أو قرارات نهائية بسبب مخالفات جوهرية لأحكام نظام الإستثمار الأجنبي في السعودية، وكذلك عدم سبق صدور أحكام في مخالفات مالية أو تجارية سواء داخل المملكة أو خارجها، هذا بالإضافة لإلتزام طالب الترخيص بالشروط والضوابط والإقرارات والتعهدات الملحقة بنموذج طلب الترخيص الإستثماري، وأن يتحقق من منح الترخيص أهداف الإستثمار وأغراض وزارة الإستثمار في المملكة العربية السعودية. هذا ومن ناحية أخرى فإن المستثمر الأجنبي طالب الترخيص يجب عليه وفق المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي في السعودية أو من يمثله نظامياً، أن يقوم بتعبئة نموذج طلب الترخيص الإستثماري إلكترونياً عن طريق الموقع الرسمي لوزارة الإستثمار السعودية، وإستفاء المستندات المطلوبة إما باللغة العربية أو ترجمتها للغة العربية من مكتب معتمد في السعودية، كما أنه من تلك المستندات المطلوبة، صورة السجل التجاري وعقد التأسيس للمنشأة في بلدها مصدقة من الجهات المختصة والسفارة السعودية، وصورة من حجز الإسم التجاري من وزارة التجارة والصناعة، ومشروع عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ومشروع عقد التأسيس والنظام الأساسي للشركة المساهمة، وقرار الشركاء رغبتهم الإستثمار في السعودية موضح به أسماء الشركاء ورأس المال ونسبة ملكية كل شريك، والمركز الرئيسي للمنشأة وطبيعة النشاط، وتعيين المدير العام وتحديد صلاحياته مصدق من الجهات المختصة والسفارة السعودية، وكذلك أيضاً صورة من جواز السفر للمدير العام، وصورة من الهوية الوطنية وسجل الأسرة إذا كان أحد الشركاء يتمتع بالجنسية السعودية، وصورة من السجل التجاري لإثبات المهنة أو مستخرج من الأحوال المدنية، كما يقدم بالإضافة لكل ذلك موافقة مبدئية من الوزارات أو الهيئات المعنية في المملكة إن كان النشاط يتطلب موافقتهم، وبالإضافة إلى تقديم خطة عمل تفصيلية تبين وبدقة قدرة المشروع على تحقيق أهداف الإستثمار بما في ذلك مساهمته في زيادة دخل المملكة، والوظائف التي سيتم توفيرها للمواطنين وكيفية مساهمة المشروع في تعزيز المنافسة وتحسين الخدمات وتنويع الخيارات أمام المستهلكين، والأبعاد الإستراتيجية للمشروع على الإستثمار في المملكة، والفائدة التي ستعود على المدينة التي ستكون مركز للمشروع والمنطقة التابعة لها، وخطة التوظيف والتدريب تتضمن تقدير عدد العاملين ونسبة السعوديين منهم في كل إدارة ومستوى إداري وبرامج تدريب العاملين وتأهيلهم، وعدد الفروع المخطط إفتتاحها، وتقدير تكاليف بدء النشاط والتمويل اللازم. كما يتم تقديم ميزانية للمنشأة طالبة الترخيص من خارج المملكة لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات توضح سلامة الوضع المالي للمنشأة، تكون معتمدة من مكتب محاسبي ومصدقة من الجهاز المعني بالأنشطة التجارية والضرائب ببلدها ومن سفارة المملكة العربية السعودية، ويتم أيضاً إثبات القدرة المالية على الإستثمار بما يتناسب مع رأس مال المشروع وحصة كل شريك وبما يتناسب مع خطة العمل المقدمة للمشروع، هذا بالإضافة أيضاً لأي مستندات أو بيانات أو معلومات أخرى تطلبها وزارة الإستثمار. يجوز للمستثمر الأجنبي وفقاً للمادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي الحصول على أكثر من ترخيص لمزاولة نفس النشاط أو أنشطة أخرى مختلفة بشرط أن تنطبق عليه شروط وضوابط منح الترخيص للإستثمار الأجنبي في السعودية، واستيفاء المستندات المطلوبة، وأن تعامل طلبات الترخيص بممارسة نفس النشاط كتوسعة للمشروع القائم، وإصدار تقرير من الإدارة المختصة في وزارة الإستثمار بعدم وجود مخالفات أو ملاحظات على المشروع القائم. ووفقاً للمادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي تشعر وزارة الإستثمار بالوسائل الكترونية طالب الترخيص أو من يمثله نظاماً بإستلام طلبه متضمناً رقم قيده وتاريخه، ولا يسلم الترخيص إلا بعد حصول الوزارة على أصل المستندات المطلوبة لمطابقتها في الحالات التي تستلزمها الوزارة، ووفقاً للمادة العاشرة تبلغ الوزارة طالب الترخيص أومن يمثله بالقرار النهائي الذي تصدره في شأن طلبه، أما كتابياً بالتسليم المباشر أو بالبريد المسجل، أو العنوان المعتمد لمحل الإقامة، أو بإستخدام البريد الإلكتروني الواردین في نموذج طلب الترخيص أو بأي وسيلة أخرى يتحقق بها الإبلاغ، إذا قررت الوزارة رفض طلب الترخيص أو تعديله أو تجديده يجب أن يكون القرار مسبباً ويحق لصاحب الشأن وفقاً للمادة الحادية عشرة الإعتراض لدى الوزارة خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار، وتنظر الوزارة في الإعتراض وتبت فيه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإذا كان القرار برفض الاعتراض، يحق لصاحب الشأن التظلم من ذلك أمام ديوان المظالم حسب نظامه خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بقرار الوزارة وفقاً للمادة الثانية عشرة، ويجوز للمستثمر الأجنبي بعد الحصول على موافقة الوزارة المسبقة شراء منشآت استثمار محلي أو أجنبي أو مشترك أو تملك حصص بها وفقاً للمادة الثالثة عشرة على أن تتوافر الشروط والضوابط والمستندات الواردة في اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي.

رابعاً: مزايا وحوافز وضمانات الإستثمار الأجنبي في السعودية

كشفت المواد السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والحادية عشر من نظام الإستثمار الأجنبي في السعودية، وكذلك المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لنظام الإستثمار الأجنبي عما يمكن أن يتمتع به المستثمر الأجنبي من مزايا وحوافز وضمانات لقاء إستثماره على داخل أراضي المملكة العربية السعودية، كتملك العقار اللازم لمزاولة النشاط المرخص به بجانب تملك المستثمر للعقار اللازم للسكن فيه وسكن العاملين لديه شريطة موافقة وزارة الإستثمار، وأيضاً تمتع المستثمر الأجنبي بالمزايا المترتبة على إتفاقيات تجنب الإزدواج الضريبي وإتفاقيات تشجيع وحماية الإستثمارات التي تبرمها المملكة مع بلده، بجانب تمتعه بالحفاظ على إستثماراته وعدم مصادرتها كلياً أو جزئياً منها إلا بحكم قضائي أو نزع ملكية للمصلحة العامة ومقابل تعويض عادل، وكذلك يتمتع المستثمر الأجنبي بالحرية في إعادة تحويل نصيبه من بيع حصته أو من فائض التصفية أو الأرباح التي حققها المشروع للخارج أو التصرف فيها، كما يحق للمستثمر الأجنبي تحويل المبالغ الضرورية للوفاء بأي إلتزامات تعاقدية خاصة بالمشروع الإستثماري، وأيضاً يتمتع بحرية إنتقال الحصص بين الشركاء وغيرهم بعد موافقة وزارة الإستثمار السعودية. وتجدر الإشارة أيضاً بتمتع المستثمر الأجنبي بالحوافز المنصوص عليها في المادة الثامنة عشرة من نظام التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون والتي تتمثل في تخصيص قطعة أرض مناسبة، تأجير المباني الصناعية اللازمة للمشروع الصناعي بشروط تشجيعية في المناطق الصناعية التي تنشئها الحكومة، وتوفير الكهرباء والماء والوقود والطاقة والمرافق الأخرى اللازمة للمشروع بأسعار تشجيعية، وأيضاً الإستفادة من القروض الصناعية التي يقدمها صندوق التنمية الصناعية السعودي وفق المادة الثانية والرابعة من نظام صندوق التنمية الصناعية السعودي، حيث يمول الصندوق 50% من مجموع التمويل المطلوب للمشروع أو تطويره. وتعد من أهم المزايا والحوافز التي يتم منحها للمستثمر الأجنبي في المملكة العربية السعودية هي إمكانية ترحيل صافي الخسائر التشغيلية إلى السنة الضريبية التي تلي السنة التي تحققت فيها الخسارة، وفقاً لأحكام نظام ضريبة الدخل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 15/1/1425هـ ولائحته التنفيذية، وكذلك يستفيد المستثمر الأجنبي بجانب كل ما سبق من الحوافز الضريبية المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء رقم 359 بتاريخ 26/11/1429هـ، كما تكون كفالة المستثمر الأجنبي وموظفيه غير السعوديين على المنشأة المرخص لها.

قد يهمك أيضاً: 


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.