13 min read
28 May
28May

ما هو الفرق بين الاندماج والاستحواذ والسيطرة؟ يؤكد المتخصصون أن هذه العمليات تعد ضمن أهم استراتيجيات النمو وإعادة الهيكلة المؤسسية في بيئة الأعمال الحديثة. كما أنها تمثل أدوات حيوية للشركات لتحقيق أهدافها المتنوعة، بما في ذلك التوسع في الأسواق وتعزيز الكفاءة التشغيلية وزيادة الحصة السوقية.

 لذا، سوف نناقش في هذا المقال التعريف الموجز والمقارن والذي يوضح الفرق بين الاندماج والاستحواذ والسيطرة، مع التركيز على التمييز بين خصائص كل منها وأوجه الاختلاف الرئيسية. 

مفهوم الاندماج في الشركات

الاندماج "Merger"، وهو اتحاد شركتين أو أكثر لتكوين كيان قانوني جديد، ومثال ذلك: اتحاد بنك القاهرة السعودية، مع البنك السعودي التجاري المتحد، لينتج البنك السعودي المتحد. 

تتمثل أهم أنواع اندماج الشركات في السعودية في الاندماج بالضم، وفيها تستوعب شركة قائمة شركة أو أكثر مع انتقال كافة حقوقها والتزاماتها إليها،  والاندماج بالمزج، الذي ينتج عنه تأسيس شركة جديدة تمامًا من خلال اتحاد شركتين أو أكثر. 

تصنف كذلك أنواع اندماج الشركات بناءً على طبيعة عمل الشركات المندمجة إلى اندماج أفقي بين شركات متنافسة في نفس القطاع، واندماج رأسي بين شركات تعمل في مراحل مختلفة من سلسلة الإنتاج أو التوزيع.

 وهناك أيضًا الاندماج المتنوع الذي يجمع بين شركات تعمل في صناعات متباينة. 

أسباب اندماج الشركات

تسعى الشركات إلى الاندماج لتحقيق أهداف استراتيجية متعددة، أبرزها: دمج الموارد والخبرات لتحقيق كفاءة أعلى، وتوسيع الحصة السوقية والوصول إلى أسواق جديدة أو تقنيات مبتكرة. من فوائد اندماج الشركات أيضًا تقليل التكاليف التشغيلية وتنويع الأعمال لتقليل المخاطر وتعزيز الاستقرار المالي، وربما يكون الهدف إزالة منفس أو الحصول على ميزة تنافسية قوية في السوق. 

إجراءات اندماج الشركات في السعودية

تبدأ إجراءات اندماج الشركات في المملكة العربية السعودية بمفاوضات مكثفة بين الشركات المعنية، يتم خلالها صياغة اتفاقية الاندماج التي تحدد الشروط التفصيلية للعملية، بما في ذلك دراسة الجدوى الاقتصادية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتحديد التزامات كل طرف بوضوح.

 يلي ذلك خطوة إقرار الاندماج داخليًّا من قبل المساهمين أو الجهات المختصة في كل شركة، مع إجراء التعديلات اللازمة على عقود التأسيس والأنظمة الأساسية بما يتوافق مع عملية الاندماج. 

يتم التقدم -بعد الحصول على كافة الموافقات الداخلية- بطلب للحصول على الموافقات الرسمية من الجهات الحكومية والرقابية ذات الصلة. 

 تستكمل بعد ذلك الإجراءات القانونية والإدارية للاندماج، ويتم شهره وإعلانه وتسجيله رسميًّا لدى الجهات المختصة لتصبح العملية نافذة وقانونية.

 تتشابه خطوات الاستحواذ على شركة إلى حد كبير مع إجراءات الاندماج، ومن الأفضل استشارة محامي معتمد يضمن حماية مصالح الأطراف المعنية والامتثال لكافة الأنظمة والقوانين ذات الصلة. 

المقصود بمصطلح الاستحواذ على الشركات

الاستحواذ "Acquisition"، وهو شراء شركة من قبل شركة أخرى، مع بقاء الشركة المشترية واستمرار عملها، ومثال ذلك: استحواذ البنك السعودي الأمريكي على البنك السعودي المتحد، واختفاءه من السوق، واستمرار البنك السعودي الأمريكي في العمل، والمعروف باسم مجموعة "سامبا" المالية، ثم استحواذ البنك الأهلي على "سامبا". 

أنواع الاستحواذ على الشركات

تتعدد أنواع الاستحواذ على الشركات، وتتضمن ما يلي:

  1.  الاستحواذ المعادي، ويتم دون موافقة مجلس إدارة الشركة المستهدفة.
  2.  الاستحواذ الودي، ويتم بموافقة مجلس إدارة الشركة المستهدفة.
  3.  الاستحواذ العكسي، وفيه تصبح الشركة المستهدفة شركة تابعة للشركة المستحوذة.
  4. الاستحواذ الخلفي، وفيه تصبح الشركة المستحوذة شركة تابعة للشركة المستهدفة.
  5.  الاستحواذ بالرافعة المالية، وفيه يتم تمويل عملية الاستحواذ بشكل أساسي عن طريق اقتراض الأموال.
  6.  شراء الإدارة، وفيه يقوم فريق إدارة الشركة المستهدفة بالاستحواذ على الشركة.
  7.  الاستحواذ الأفقي، وهو استحواذ شركة على منافس لها في نفس الصناعة.
  8.  الاستحواذ الرأسي، وهو استحواذ شركة على مورد أو موزع في سلسلة التوريد الخاصة بها.
  9.  استحواذ التكتل، وهو استحواذ شركة على شركة أخرى في صناعة غير ذات صلة. 

هناك أمثلة على استحواذ الشركات منها استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة في شركة توال التابعة لـ "إس تي سي" في عام 2024، بهدف تأسيس إحدى أكبر شركات الأبراج عالميًّا، واستحواذ شركة "المراعي" على أسهم شركة "حائل الزراعية" في عام 2009، واستحواذ شركة "أوبر" على منافستها في الشرق الأوسط "كريم" في عام 2019. 

مفهوم السيطرة في الشركات

السيطرة "Takeover"، ويتم فيها شراء شركة لشركة أخرى مع الإبقاء على الشركتين تعملان بشكل منفصل، وبأقل قدر ممكن من التغييرات الجوهرية، خاصةً فيما يتعلق بالهيكل القانوني لكل منهما.

 مثال ذلك: سيطرة شركة أمازون على سوق.كوم، وقد استمرت كلتا الشركتين في مزاولة أعمالهما بشكل مستقل، مع الحفاظ على مقراتهما وفرق عملهما وكافة جوانب عملياتهما كما كانت. 

تترتب على هذه العمليات آثار واسعة النطاق تؤثر على مختلف الأطراف المعنية، حيث تشهد الشركات تحولات شاملة في هيكلها التنظيمي والإدارة، فضلًا عن تغييرات محتملة في علامتها التجارية وثقافة العمل السائدة فيها.

أما بالنسبة للموظفين، فهناك احتمال لحدوث فقدان للوظائف أو تغيير في الأدوار التي يضطلعون بها، كما أن هذه العمليات تؤثر على المستهلكين، من خلال اختلاف الأسعار المعروضة، وجودة المنتجات أو الخدمات المقدمة، فضلًا عن مستوى المنافسة القائمة في السوق. 

الفرق بين الاندماج والاستحواذ والسيطرة

بقي أن نوضح الآن الفرق بين الاندماج والاستحواذ والسيطرة بشكل مبسط ومن أكثر من جانب، على النحو التالي: عندما يكون الاتفاق بين طرفين متساويين نسبيًّا فإن المصطلح المناسب لهذه العملية يسمى "اندماج"، وإذا كانت عملية الشراء من طرف أقوى فهذا استحواذ، وإذا كانت محاولة السيطرة غير ودية فتسمى "سيطرة".

 وعند النظر إلى الكيان الناتج عن هذه العمليات، فإذا تم إنشاء كيان جديد فهو "اندماج"، وإذا بقيت الشركة المشترية كما هي فهو "استحواذ"، وإذا استمرت الشركة المستهدفة مع تغيير في الإدارة أو المساهمين الرئيسيين فهو "سيطرة". 

أما بالنسبة لمستوى التحكم، فإذا كان الذي يملك القرار النهائي مجلس إدارة جديد مشترك، فهو "اندماج"، وإذا كانت الشركة المشترية هي التي تملك القرار النهائي فهو "استحواذ"، وإذا كان الطرف المسيطر هو من يملك القرار فهو "سيطرة".

 أيضًا، إذا كانت العملية تتم باتفاق ورضا الطرفين فغالبًا ما تكون ضمن الاندماجات أو الاستحواذات، وقد تكون محاولة للسيطرة رغم معارضة الإدارية الحالية.

دوافع الشركات للقيام بعمليات الاندماج والاستحواذ والسيطرة

يمكننا أيضًا توضيح الفرق بين الاندماج والاستحواذ والسيطرة من خلال معرفة الأسباب التي تدفع الشركات للقيام بهذه العمليات: فعملية الاندماج تهدف إلى تحقيق التكامل وزيادة الكفاءة وتوسيع نقاط العمليات والحصول على تقنيات أو أسواق جديدة بشكل مشترك. 

أما الاستحواذ، فيهدف إلى الحصول على حصة سوقية أكبر، والقضاء على منافس أو الاستحواذ على علامة تجارية أو براءات اختراع أو تنويع الأعمال. 

أما السيطرة، فتهدف إلى الاستفادة من أصول الشركة المستهدفة وإعادة هيكلتها لتحقيق أرباح والتأثير على قراراتها الاستراتيجية. 

الجوانب القانونية المنظمة لعمليات الاندماج والاستحواذ والسيطرة في السعودية

تخضع عمليات الاندماج والاستحواذ والسيطرة في المملكة العربية السعودية لإطار قانوني وتنظيمي متكامل يهدف إلى ضمان الشفافية والعدالة وحماية مصالح جميع الأطراف المعنية.  وتشمل الجهات التنظيمية الرئيسية: 

هيئة السوق المالية "CMA" بالنسبة للشركات المدرجة، والتي تضع قواعد مفصلة للإفصاح وعمليات الاستحواذ، وكذلك الهيئة العامة للمنافسة التي تراجع هذه العمليات للتأكد من عدم الإضرار بالمنافسة المشروعة في السوق.

كما ينظم نظام الشركات السعودي الإجراءات الأساسية للاندماج وتأسيس الشركات الجديدة، حيث تتطلب هذه العمليات الالتزام بإجراءات قانونية دقيقة، بما في ذلك الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المختصة، وإجراء الفحص النافي للجهالة القانوني لتقييم المخاطر المحتملة، وضمان حماية حقوق المساهمين وفقًا للقوانين واللوائح المعمول بها.

 لذا، فإن فهم هذه الجوانب القانونية والاستعانة بمستشار قانوني متخصص يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان سير هذه العمليات بشكل سليم وقانوني.


Comments
* The email will not be published on the website.