2 قراءة دقيقة
16 Oct
16Oct

تشهد المملكة العربية السعودية تطوراً تكنولوجياً هائلاً في كافة المجالات التجارية والصناعية، وأيضاً حققت المملكة في السنوات الأخيرة نجاح كبير في تطوير قطاع تقنية المعلومات وإستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات، بل وأصبحت من أعلى المتقدمين في ميدان تقنية المعلومات والإتصالات، هذا بالإضافة لحرص المملكة على تبني مفهوم التحول الرقمي الشامل لجميع القطاعات، حيث أصبح المجتمع السعودي في يومنا هذا لا يستغنى عن إستعمال وسائل الإتصال الحديثة المتمثلة في الهاتف والحاسوب والعديد من تلك الوسائل التي تعد ركن أساسي في كافة معاملات الأشخاص سواء الأفراد أو الشركات مثل المعاملات المادية والعملية والعلمية وحتى التدريبية، فكل تلك التعاملات أصبح تطبيقها إلكترونياً، حيث أن أي تبادل أو تراسل أو تعاقد أو أي إجراء أخر أصبح يبرم أو ينفذ بشكل كلي أو جزئي بوسيلة إلكترونية، كما أنه إذا تحدثنا عن أنواع تلك التعاملات، سنجد أن التجارة تعد من أهم التعاملات التي تتم يومياً بين كافة الأشخاص داخل المجتمع السعودي بل وخارجه، ومع تلك التطورات التكنولوجية أصبح مفهوم التجارة مختلف، حيث بات يتم أيضاً إلكترونياً، وأصبح بيع المنتجات أو تقديم الخدمات أو الإعلان عنها أو تبادل البيانات الخاصة بها يتم بوسيلة إلكترونية، والأكثر دهشة أن حتى المحلات التجارية أصبحت بشكل جديد غير المعتاد، حيث باتت عبارة عن منصة إلكترونية تتيح عرض المنتجات أو بيعها، أو تقديم خدمة، أو الإعلان عنها أو تبادل البيانات الخاصة بها، ومن هنا كان لابد من حماية أطراف تلك التعاملات التي تتم بشكل إلكتروني، فالتعاملات الورقية يوجد لها العديد من طرق الإثبات التي تضمن الحقوق التي شملتها وتلزم بعمل كافة الإلتزامات المتفق عليها، أما التعاملات الرقمية إهتم بها المنظم السعودي حتى نظم لها طريقة إثبات جديد شملها نظام الإثبات السعودي الجديد، وهو الدليل الرقمي، حيث أصبح هذا الدليل جزء هام بالنسبة للتعاملات الإلكترونية والغير إلكترونية أيضاً، وضمن المنظم السعودي حجية الدليل الرقمي في الإثبات في المملكة العربية السعودية، وعلى أثر أهمية الدليل الرقمي في الإثبات سوف نلقي الضوء في هذا المقال على كل ما يتعلق بالدليل الرقمي من تعريف وبيان صوره وأنواعه وحجيته في الإثبات.

قد يهمك قراءة: تعرف على نظام الاثبات السعودي الجديد


أولاً: تعريف الدليل الرقمي وبيان صوره في المملكة العربية السعودية

جاء نظام الإثبات السعودي في مادته الثالثة والخمسون معرفاً لمفهوم الدليل الرقمي المستحدث في الإثبات، فهو عبارة عن كل دليل مستمد من بيانات تنشأ أو تصدر أو تسلم أو تحفظ أو تبلغ ويتم التعامل بها من خلال وسيلة رقمية حيث تكون هذه البيانات قابلة للإسترجاع أو الحصول عليها بصورة يمكن فهمها، وبعبارة أخرى يعد الدليل الرقمي دليل متطور ومتميز عن الأدلة الكتابية الأخرى، فهو عبارة عن بيانات يمكن تخزينها أو إعدادها رقمياً بحيث تكمن في الوسيلة الرقمية المستخدمة لحين الحاجة إليها، وكذلك أيضاً يمكن تعريفه بأنه الدليل المتحصل عليه من الحاسب الآلي في صورة مجالات كهربائية مغناطيسية تكون قابلة للجمع والتحليل عبر برامج خاصة، فهو دليل يصعب التخلص منه، حيث يمكن إسترجاعه في حال تم محوه، كما أنه يمكن إعتبار عملية التخلص من الدليل الرقمي ومحوه دليلا جديد يستند إليه.

أما بالنسبة لصور الدليل الرقمي فشملتها المادة الرابعة والخمسون من نظام الإثبات السعودي وهي السجل الرقمي وهو عبارة عن البيانات التي تنشأ أو ترسل أو تسلم أو تبث أو تحفظ بوسيلة إلكترونية، وتكون قابلة للإسترجاع أو الحصول عليها بشكل يمكن فهمها.

والمحرر الرقمي وهو عبارة عن معلومات يتم إنشائها أو إستلامها أو إرسالها أو تخزينها بوسائل إلكترونية كالبريد الإلكتروني.

والتوقيع الرقمي وهو عبارة عن بيانات إلكترونية مدرجة في تعامل إلكتروني أو مضافة إليه أو مرتبطة به منطقياً تستخدم لإثبات هوية الموقع وموافقته على التعامل الإلكتروني وإكتشاف أي تعديل يطرأ على هذا التعامل بعد التوقيع عليه، والمراسلات الرقمية والمقصود بها الرسائل التي تتم بين طرفين عن طريق وسيلة رقمية كالرسائل المرسلة عبر البريد الإلكتروني.

ووسائل الإتصال التي يحفظ بها الدليل الرقمي كالحاسوب أو الهواتف الذكية وأي وسيلة تستخدم في التواصل الإلكتروني، والوسائط الرقمية والتي يمكن أن تعرف بالأداة أو البرنامج المستخدم في حفظ وتخزين المعلومات والبيانات التي تعد دليل رقمي، أو أي دليل رقمي أخر يمكن الإستناد له في الإثبات.

ثانياً: أنواع الدليل الرقمي في المملكة العربية السعودية

أوضحت المادة السادسة والخمسون والسابعة والخمسون من نظام الإثبات السعودي أن للدليل الرقمي في السعودية نوعان، والنوع الأول يسمى بالدليل الرقمي الرسمي نظراً لصدوره من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، والنوع الثاني يسمى بالدليل الرقمي غير الرسمي وهو غير صادر من أي جهة حكومية بل يصدر بناء على تعاملات أو تعاقدات بين الأشخاص.

قد يهمك قراءة: التنظيم القانوني للعملات المشفرة


ثالثاً: حجية الدليل الرقمي في الإثبات

إشتمل نظام الإثبات السعودي بين مواده على تقرير حجية الدليل الرقمي المستخدم في الإثبات في المملكة العربية السعودية، فالدليل الرقمي أصبح دليلاً أصيلاً وليس في جانب القرائن، حيث جاءت المادة الخامسة والخمسون من نظام الإثبات في المقام الأول لتؤكد على أنه يكون للإثبات بالدليل الرقمي حكم الإثبات بالكتابة، حيث يعد في جوهره دليل كتابي، والجدير بالذكر أن الدليل الرقمي يكون له ثلاث أنواع من الحجية وفق نظام الإثبات السعودي، النوع الأول أقرته المادة السادسة والخمسون من نظام الإثبات السعودي على أن للدليل الرقمي الرسمي حجية المحرر الرسمي شريطة أن يصدر من تحت يد موظف عام أو مكلف بخدمة عامة ويكون هذا الدليل الرقمي الرسمي حجة على الكافة بما دون فيه.

وعلى الجانب الأخر، فالمادة السابعة والخمسون من نظام الإثبات السعودي بينت حجية النوع الثاني من الدليل الرقمي وهو الغير رسمي على أطراف التعامل في حال صدر وفق نظام التعاملات الإلكترونية أو نظام التجارة الإلكترونية أو إذا كان الدليل مستفاد من وسيلة رقمية منصوص عليها في العقد محل النزاع أو مستفاد من وسيلة رقمية موثقة أو مشاعة للعموم.

والنوع الثالث لحجية الدليل الرقمي تكون المقررة للمحرر العادي، وهذا في حال عدم صدوره من تحت يد موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، أو في حال لم يصدر وفق نظام التعاملات الإلكترونية أو نظام التجارة الإلكترونية، أو كان غير مستفاد من وسيلة رقمية منصوص عليها في العقد محل النزاع أو غير مستفاد من وسيلة رقمية موثقة أو مشاعة للعموم.

كما تجدر الإشارة لما نصت عليه المادة الثالثة والستون من نظام الإثبات السعودي، حيث يكون للمستخرجات من الدليل الرقمي الحجية المقررة للدليل نفسه، وذلك بالقدر الذي تكون فيه المستخرجات مطابقة لسجلها الرقمي، وكذلك المستخرجات من وسائل الدفع الرقمية تكون لها أيضاً الحجية.

كما يكون من المفيد أيضاً بيان بعض مواد من أنظمة سعودية أخرى تؤكد حجية الدليل الرقمي في المملكة، حيث جاءت المادة الخامسة من نظام التعاملات الإلكترونية تنص على أنه يكون للتعاملات والسجلات والتوقيعات الإلكترونية حجيتها الملزمة، ولا يجوز نفي صحتها أو قابليتها للتنفيذ ولا منع تنفيذها بسبب أنها تمت كلياً أو جزئياً بشكل إلكتروني، وكذلك نص المادة التاسعة من نظام التعاملات الإلكترونية، حيث يقبل التعامل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني دليلاً في الإثبات إذا استوفى سجله الإلكتروني المتطلبات النظامية اللازمة، حيث يعد السجل الإلكتروني أصلاً بذاته عندما تستخدم وسائل وشروط فنية تؤكد سلامة المعلومات الواردة فيه من الوقت الذي أنشئ فيه بشكله النهائي على أنه سجل إلكتروني ، وتسمح بعرض المعلومات المطلوب تقديمها متى طلب ذلك.

كما أكدت المادة التاسعة من نظام التعاملات الإلكترونية أنه يجوز قبول التعامل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني قرينة في الإثبات، حتى وإن لم يستوف سجله الإلكتروني المتطلبات النظامية، ويعد كل من التعامل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني والسجل الإلكتروني حجة يعتد بها في التعاملات وأن كلاً منها على أصله.

قد يهمك قراءة: تعرف على نظام حماية البيانات الشخصية


رابعاً: تقدير حجية الدليل الرقمي في المملكة العربية السعودية

منح نظام الإثبات السعودي السلطة التقديرية للمحكمة بموجب المادة الثانية والستون منه لتقدير حجية الدليل الرقمي، حيث أنه إذا تعذر التحقق من صحة الدليل الرقمي بسبب لا يعود للخصوم، فتقدر المحكمة حجيته بما يظهر لها من ظروف الدعوى، بحيث يكون لها من السلطة الواسعة في تقدير هذا الدليل الرقمي، ومن ناحية أخرى يحق للمحكمة بموجب المادة الستون من نظام الإثبات السعودي أن تطلب تقديم محتوى الدليل الرقمي مكتوب متى كانت طبيعته تسمح بذلك، وهذا حال وجود ما يمنع من تقديم الدليل الرقمي بصورته الأصلية أو بأي وسيلة رقمية أخرى.

كما أوضحت المادة التاسعة من نظام التعاملات الإلكترونية أنه يراعى عند تقدير حجية التعامل الإلكتروني مدى الثقة في الطريقة التي استخدمت في إنشاء السجل الإلكتروني أو تخزينه أو إبلاغه، وإمكان التعديل عليه، بالإضافة إلى الطريقة التي استخدمت في المحافظة على سلامة المعلومات، والطريقة التي حددت بها شخصية المنشئ.

خامساً: الإدعاء بعدم صحة الدليل الرقمي

بينت المادة الثامنة والخمسون من نظام الإثبات أنه يقع عبء إثبات الدليل الرقمي على الخصم الذي يدعي عدم صحة الدليل الرقمي الرسمي الصادر من تحت يد موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، أو الدليل الرقمي الغير الرسمي الصادر وفق نظام التعاملات الإلكترونية أو نظام التجارة الإلكترونية أو المستفاد من وسيلة رقمية منصوص عليها في العقد محل النزاع أو المستفاد من وسيلة رقمية موثقة أو مشاعة للعموم، أو الدليل الرقمي العادي.

والجديد بالذكر أن المادة السابعة من نظام التعاملات الإلكترونية ذكرت أنه إذا اشترط أي نظام في المملكة العربية السعودية أن تكون الوثيقة أو السجل أو المعلومة المقدمة إلى شخص آخر مكتوبة، فإن تقديمها في شكل إلكتروني يفي بهذا الغرض متى تم مراعاة حفظ السجل الإلكتروني بالشكل الذي أنشئ أو أرسل أو تسلم به، أو بشكل يمكن من إثبات أن محتواه مطابق للمحتوى الذي أنشئ به أو أرسل به أو تم تسلمه به، وبقاء السجل الإلكتروني محفوظاً على نحو يتيح استخدامه والرجوع إليه لاحقا، ومراعاة أن تحفظ مع السجل الإلكتروني المعلومات التي تمكن من معرفة المنشئ والمرسل إليه، وتاريخ إرسالها وتسلمها ووقتهما.

سادساً: سقوط الحق في التمسك بحجية الدليل الرقمي

أفادت المادة الحادية والستون من نظام الإثبات السعودي بأنه إذا إمتنع أي من الخصوم عن تقديم ما طلبته المحكمة للتحقق من صحة الدليل الرقمي بغير عذر مقبول، سقط حقه في التمسك به أو عدّ حجة عليه بحسب الأحوال.

سابعاً: قبول الإثبات بالدليل الرقمي الصادر من خارج السعودية

أكدت المادة الثانية والخمسون من نظام الإثبات السعودي، على حق المحكمة في قبول الأدلة الرقمية الصادرة من خارج المملكة، ويكون قبولها شريطة أن تكون مصدق عليها من الجهات المختصة في الدولة التي صدرت فيها والجهات المختصة في المملكة العربية السعودية، وكذلك يجب عدم مخالفتها للنظام العام في المملكة.

ثامناً: الهدف من منح الدليل الرقمي حجية في الإثبات

يهدف المنظم السعودي من منح الدليل الرقمي حجية في الإثبات إلى إضفاء الثقة في صحة التعاملات والتوقيعات والسجلات الإلكترونية وسلامتها، وتيسير إستخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية على الصعيدين المحلي والدولي للإستفادة منها في جميع المجالات، كالإجراءات الحكومية والتجارة والطب والتعليم والدفع المالي الإلكتروني، وإزالة العوائق أمام إستخدام التعاملات والتوقيعات الإلكترونية، ومنع إساءة الإستخدام والإحتيال في التعاملات والتوقيعات الإلكترونية.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.