تبحث الشركات الطموحة في المملكة العربية السعودية عن قفزات نوعية وتحولات استراتيجية تمنحها دفعة قوية نحو المستقبل.وهنا، يبرز الاستحواذ كأحد أقوى الاستراتيجيات التي تنفذها الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
فهو ليس مجرد صفقة لشراء وبيع الأصول، بل هي عملية معقدة يمكنها أن تفتح آفاقًا غير متوقعة للنمو والابتكار، من خلال دمج الكفاءات والاستفادة من نقاط القوة المشتركة، وتوسيع النطاق الجغرافي أو التكنولوجي.
ورغم أن الفرص عظيمة، إلا أن التحديات قد تكون جسيمة، حيث تتطلب خطوات الاستحواذ على شركة تخطيطًا دقيقًا ودراسة عميقة وقدرة على المزج بين ثقافتين تنظيميتين بسلاسة.لذا، سوف نكتشف في هذه المقالة الإمكانيات الهائلة التي تحملها أنواع الاستحواذ على الشركات، والجوانب الخفية والتحديات التي يجب على قادة الأعمال فهمها جيدًا قبل خوض غمار هذه الخطوة المصيرية.
في البداية، ينبغي توضيح معنى الاستحواذ على شركة، وهو عملية تقوم فيها شركة بشراء غالبية، أو كل أسهم أو أصول شركة أخرى بهدف السيطرة عليها وضمها إلى عملياتها الخاصة.تقوم الشركات بالاستحواذ لأسباب استراتيجية متنوعة، مثل: توسيع الحصة السوقية، الحصول على تقنيات أو منتجات جديدة، الدخول لأسواق جغرافية جديدة، أو تنويع مصادر الدخل.
تحويل ملكية وسلطة اتخاذ القرار على الشركة المستهدفة، بشكل كلي أو جزئي إلى الشركة المستحوذة.
يحقق الاستحواذ على الشركات العديد من الفوائد الاستراتيجية والتشغيلية والمالية، أبرزها:
تختلف أنواع الاستحواذ على الشركات باختلاف نوع الشركات والصفقات، وجميعها تتماشى مع رؤية المملكة 2030، وفيما يلي أهم الأنواع المعتمدة في السوق السعودي:
وفيه يقوم الكيان المستحوذ باكتساب كامل الحصة المملوكة من أسهم الشركة المستهدفة، وبالتالي تنتقل الملكية القانونية والتصرف الكامل في الشركة المستهدفة إلى الكيان المستحوذ، الذي يكتسب بذلك السيطرة المطلقة على جميع أصولها، خصومها، عملياتها، وكافة قراراتها الإدارية والتشغيلية.
وفيه يقوم الكيان المستحوذ باكتساب نسبة مئوية من أسهم شركة مستهدفة، بحيث تقل عن 100%، وينتج عن هذا الاستحواذ انتقال ملكية النسبة المحددة من الأسهم إلى الكيان المستحوذ. وفي الغالب تسعى الشركات المستحوذة إلى الحصول على 51% أو أكثر من الأسهم للحصول على حقوق التصويت والسلطة على مجلس الإدارة والجمعية العمومية.
حيث تحاول شركة شراء شركة أخرى، ورغم رفض إدارة الشركة المستهدفة للصفقة ومقاومتها، فإن الشركة المستحوذة تتجه مباشرة إلى أصحاب الشركة الفعليين "المساهمين" وتعرض عليهم شراء أسهمهم.
وهي عملية تتم بالتوافق الكامل بين مجلسي إدارة الشركة المستحوذة والشركة المستهدفة، ويستلزم غالبًا الحصول على موافقة الجمعيات العمومية للمساهمين في الشركتين وفقًا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
ويمر هذا النوع من الاستحواذ بمرحلة تفاوضية، كما يتاح للشركة المستحوذة إجراء فحص قانوني ومالي وتشغيلي شامل ومدقق على الشركة المستهدفة، بالتعاون التام وتقديم المعلومات من قبل الأخيرة، بهدف التقييم الدقيق للمخاطر والفرص قبل التوقيع على اتفاقيات الاستحواذ النهائية وإتمام الصفقة بشكل قانوني.
وهو إجراء قانوني يسمح لشركة خاصة، ليست مدرجة في سوق الأوراق المالية، بأن تصبح شركة مدرجة دون المرور بإجراءات الطرح العام الأولي "IPO" التقليدية.
ويتم ذلك عندما تقوم الشركة الخاصة بالاستحواذ على حصة مسيطرة في شركة أخرى مدرجة بالفعل في البورصة، وبالتالي يتم دمج أعمال الشركة الخاصة تحت الكيان القانوني للشركة المدرجة التي أصبحت تحت سيطرتها، مما يتيح تداول أسهم هذا الكيان الجديد بشكل علني في السوق.
وهو من أنواع الاستحواذ على الشركات التي تهدف في الأساس إلى تحقيق عائد استثماري مجزٍ من خلال الاستحواذ على الشركة وإعادة هيكلتها أو تحسين أدائها.
وغالبًا ما تقوم بهذا النوع من الاستحواذ: صناديق الاستثمار الخاصة أو شركات رأس المال الجريء، أو مستثمرون ماليون آخرون، يسعون إلى زيادة قيمة الشركة المستهدفة خلال فترة زمنية معينة تمهيدًا لبيعها لاحقًا وتحقيق الربح من الفرق في سعر الشراء والبيع.
وهي عملية الاستحواذ التي يتم اتخاذ قرار إجرائها بناءً على هدف أساسي يخدم استراتيجية الشركة المستحوذة طويلة الأمد، حيث يتم اختيار الشركة المستهدفة لأنها ستساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف استراتيجية كبرى، مثل تعزيز المكانة التنافسية في السوق، أو التوسع في قطاعات أو مناطق جغرافية جديدة، أو اكتساب قدرات تنافسية حيوية.
تختلف شروط الاستحواذ بين الشركات المدرجة وغير المدرجة، وتشمل بشكل عام ما يلي:
الاستحواذ على الشركات، له أثر إيجابي واضح على الاقتصاد السعودي، لا سيما في سياق تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث يساهم في تحريك وجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال داخل المملكة، ويدعم نمو الناتج المحلي الإجمالي.
كما يلعب دورًا حيويًّا في تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط، وذلك من خلال تمكين الشركات السعودية من دخول قطاعات جديدة أو الاستحواذ على كيانات في مجالات واعدة وغير تقليدية.
هذا فضلًا عن تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، ورفع كفاءة السوق المحلي عبر دمج شركات تمتلك تقنيات وخبرات متقدمة، والمساهمة في إعادة هيكلة وتحسين إدارة الموارد، وبالتالي تعزيز تنافسية الشركات السعودية على الصعيدين المحلي والدولي.
نوضح لك في هذه الفقرة كيفية استخدام أنواع الاستحواذ على الشركات كأداة استراتيجية فعالة على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية، سواء على المستوى المحلي أو ضمن توسعات عالمية، وفيما يلي بعض الأمثلة البارزة:
هذه الأمثلة وغيرها توضح أن الاستحواذات لم تستخدم فقط كوسيلة للنمو الكمي، بل لتحقيق أهداف محددة تتعلق بالتكامل والتوسع واكتساب القدرات وتعزيز الموقف التنافسي في السوق.