2 قراءة دقيقة
29 Nov
29Nov

فكما هو معروف أن الشركات التجارية تعد من أهم الكيانات الإقتصادية في المملكة العربية السعودية، فهي بمثابة أكثر الكيانات المساهمة في الدخل القومي للمملكة، ولهذا نجد حرص المنظم السعودي الدائم على مواكبة التغيرات والتطورات المتسارعة التي تلحق بمجال الشركات التجارية في السعودية بهدف تعزيز الإستدامة لتلك الكيانات وتطبيقاً لرؤية المملكة لعام 2030م، لذلك نشهد في الآونة الأخيرة لجوء الشركات إلى التوسع من خلال عمليات إعادة الهيكلة التنظيمية والتي قد تكون عن طريق تحول الشركة إلى نوع أخر من أنواع الشركات أو بالإندماج مع شركة أخرى أو بالإنقسام أو بالإستحواذ، وذلك بهدف تحقيق النمو، ويعد الإستحواذ أحد أهم طرق إعادة الهيكلة التنظيمية للشركات، حيث قد تعمل الشركة على زيادة أصولها وأنشطتها التي تعود إيجاباً على قيمتها، وتقوم أيضاً على تقويم أسهمها وحصصها في السوق المالية حال كانت مدرجة فيه، كما تعمل بكامل طاقتها على إنقاذ نفسها من الخسارة، ومن هذا المنطلق سوف نركز في هذا المقال على توضيح كل ما يخص إعادة الهيكلة التنظيمية للشركات بالإستحواذ في المملكة العربية السعودية بصورة منظمة وميسرة حتى يبلغ القارئ هدفه من المعرفة الكافية، ويأتي الرد في هذا المقال على كافة التساؤلات المتعلقة بإعادة الهيكلة التنظيمية للشركات بالإستحواذ من خلال ما تضمنه نظام السوق المالية السعودي ولائحة الإندماج والإستحواذ الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية السعودية. 

أولاً: ما هي عمليات الإستحواذ في السعودية؟

قبل التطرق لتوضيح ما هي إعادة الهيكلة التنظيمية للشركات بالإستحواذ في السعودية، يجدر بنا أن نبدأ بتعريف معنى عملية الإستحواذ التي تتم بين الشركات في السعودية، بحيث يمكن تعريفها بأنها من العمليات القانونية التي تؤدى إلى نقل أصول الشركة المستهدفة أو أسهم المالكين إلى الشركة المستحوذة، بطريقة تمكنها من حسن إدارتها، وذلك بعد إتباع عدة إجراءات مقررة نظاماً، كما يمكننا أن نعرف الإستحواذ بعبارة أخرى، بأنها عبارة عن عملية قانونية تتم بين شخصين يترتب على تلك العملية حصول أحدهما على كل أو بعض حصص رأس مال إحدى الشركات ويؤدي ذلك إلى السيطرة على مجلس الإدارة، وكذلك يعتبر الإستحواذ في السعودية هو الصفقة التي تتضمن بيع وشراء أسهم لشركة مدرجة أسهمها في السوق من خلال تقديم عرض أو صفقة بيع وشراء خاصة.

إقرأ أيضاً: تحول الشركات واندماجها وتقسيمها في نظام الشركات الجديد


وبعد كل تلك التعاريف التي شملت عملية الإستحواذ في السعودية، وبما أنه في صحيح الأمر عملية أو تصرف قانوني، فيتوجب إبرام هذا التصرف بموجب عقد، حيث أنه يهدف في المقام الأول لتحقيق هدف إقتصادي من خلال تكوين مشروع تركزي كبير، يتم من خلاله السيطرة على شركة أخرى.

كما نستنتج من عملية الإستحواذ المبرمة بموجب عقد إستحواذ وجود طرفين، طرف يسمى بالمستحوذ، وهو الشخص الذي يسيطر بشكل مباشر أو غير مباشر على جزء من رأس مال الشركة المستحوذ عليها أو تكون السيطرة له بمفرده على أغلبية حقوق التصويت فيها بمقتضى إتفاق مع مساهمين الشركة المستحوذ عليها، أما الطرف الثاني فيسمى بالمستحوذ عليه وهي الشركة أو الكيان المستحوذ عليه بموجب عقد الإستحواذ. 

ثانياً: ما هي أنواع عمليات الإستحواذ التي يمكن إتمامها في السعودية؟

يوجد العديد من الأنواع التي تنبثق من الإستحواذ وبالأخص من حيث قبول المساهمين، وهي على النحو التالي:


  • الإستحواذ الرضائي

من أنواع الإستحواذ في السعودية الإستحواذ الرضائي وهو الذي يتم بطريقة ودية من خلال إتفاق بين طالب الإستحواذ الذي يمكن أن يكون شخص طبيعي (فرد) أو معنوي (شركة) والشركة المستحوذة، وكذلك هو أيضا الذي يمكن أن يتم بعرض يقدم من أحد الأشخاص من تلقاء نفسه إلى مساهمي أي شركة مدرجة في السوق الأوراق المالية، بحيث يرغب في الإستحواذ بالكامل على أسهمها، والإستحواذ الرضائي يكون أكثر الأنواع سهولة في التطبيق، وسبب ذلك يرجع لعدم التعرض لأي عثرات مثل باقي الأنواع الأخرى.

  • الإستحواذ الإلزامي

والنوع الثاني من عمليات الإستحواذ التي يمكن أن تتم في المملكة العربية السعودية يسمى بالإستحواذ الإلزامي، حيث يلتزم المستحوذ في هذا النوع، بتقديم عرض شراء إجباري في حالة تخطيه نسبة محددة من الأموال التي يستحوذ عليها، نتيجة سيطرته على شركات أخرى، والإستحواذ الإلزامي كأحد أنواع عمليات الإستحواذ يمتاز بأنه قائم على فكرة تقديم أي شخص سواء كان طبيعي (فرد) أو معنوي (شركة) تجاوزت نسبة مساهمته في الشركة حد معين من الأسهم، عرض شراء إجباري لجميع الأسهم المتبقية في تلك الشركة، ولهذا نجد أن المادة الثالثة والعشرون من لائحة الإندماج والإستحواذ أكدت على تقديم عرض الشراء الإجباري من قبل من وصلت ملكيتهم في الشركة نسبة 50% من أسهم الشركة.

إقرأ أيضاً: عرض الإستحواذ الإلزامي على الشركات


  • الإستحواذ العدائي

ويعد كذلك من أنواع عمليات الإستحواذ التي تتم في السعودية الإستحواذ العدائي، والذى يقوم به المستحوذ بدون إتفاق مع إدارة الشركة التي تكون معنية بالإستحواذ، وذلك إما من خلال توجه المستحوذ مباشرة لمساهمي الشركة فيكون مفاجئاً أو أن يتم بعد عرض الإستحواذ على مجلس إدارة الشركة المستهدفة بالإستحواذ دون توصل إلى إتفاق معها، فالإستحواذ العدائي يتسم في أغلب الأحوال بالمفاجأة، كما أنه يترتب على ذلك كونه أكثر طرق إعادة هيكلة الشركات، بحيث يتفق المستحوذ مع بعض المساهمين الذين يملكون النسبة التي تمكن هذا المستحوذ من إستحواذه على الشركة وشراء حصصهم مما يجعل موقف مجلس إدارة هذه الشركة والمساهمين الذين يكونوا في هذه الحالة أقلية غير معروف.


ثالثاً: ما الفرق بين الإستحواذ والإندماج والشركة القابضة؟

إذا تم البدء بالتحدث عن الفرق بين الإستحواذ والإندماج فيتعين علينا أن نوضح تلك الفروق بينهما وكذلك أوجه الإتفاق بينهما وهي على النحو التالي:

  • الإختلاف بين الإستحواذ والإندماج

حيث أن الإستحواذ يختلف إختلافا جوهرياً عن الإندماج، فالإندماج يؤدى في نهاية الأمر إلى بناء شخصية إعتبارية أو أكثر، أما الإستحواذ فأساس قيامه هو فكرة السيطرة، ومن ناحية أخرى الإستحواذ يمكن القيام به من خلال أي شخص سواء طبيعي (فرد) أو إعتباري (شركة)، أما الإندماج فإن القيام به يكون من خلال الشخصيات الإعتبارية (الشركات) فقط، وأيضاً الإندماج يتطلب دائماً في كل صوره موافقة ورضاء أطرافه بعكس الإستحواذ الذي لا يتطلب موافقة أو رضاء أطرافه في بعض صوره.

  • أوجه الإتفاق بين الإستحواذ والإندماج

أما بالنسبة لمواضع الإتفاق بين الإستحواذ والاندماج، فنجد أنهما يتأتى وجودهم من خلال تداخل شركات تجارية، وأيضاً تم تنظيمهم من خلال المنظم السعودي في لائحة واحدة بذات الإجراءات، وكذلك يعدان من أساليب التركز الإقتصادي في المملكة العربية السعودية.

ومثلما فعلنا مع الإستحواذ والإندماج، يتم أيضاً بيان أوجه التشابه والإختلاف بين الإستحواذ والشركة القابضة وهي على النحو التالي:

  • أوجه التشابه بين الإستحواذ والشركة القابضة

فمن حيث أوجه التشابه بينهما، فنجد أنهما في الأساس يهدفان للسيطرة، وأنهما يقومان على الشركات، وكذلك يمكن أن يقيما من قِبل شركات الأموال مثل شركة المساهمة.

  • أوجه الإختلاف بين الإستحواذ والشركة القابضة

أما بالنسبة لأوجه الإختلاف بينهم والتي تعد بمثابة فروق جوهرية، فالإستحواذ يمكن القيام به من أي نوع شركة قانونية ولا يكون مقتصر فقط على شركات الأموال، وهذا بعكس الشركة القابضة التي تقتصر فقط على شركات الأموال، ومن جانب أخر فدور المستحوذ لا يقتصر فقط على الإدارة مثل الشركة القابضة التي يكون دورها مقتصر على الإدارة والمراقبة فقط.

رابعاً: ما هي الأثار المترتبة على إعادة هيكلة الشركات بالإستحواذ في السعودية؟

نظراً لكون أهداف إعادة الهيكلة بالإستحواذ تتمركز على فكرة بسط السيطرة على الشركة المستحوذ عليها، فأثار تلك العملية لا تكون مقتصرة فقط على أطراف هذا التصرف أو الإجراء أو بمعنى أدق يكون لها أثار خاصة، بل تمتد أثار إعادة الهيكلة بالإستحواذ لتحدث أيضاً أثار عامة مما تؤثر على حجم المنافسة في المملكة المنوطة بحماية دائماً من قِبل المنظم السعودي حتى لا تتعرض لأي شكل من أشكال الإحتكار، وكذلك تؤثر على سوق المال في المملكة.

  • الأثار المترتبة على المستحوذ

فبالنسبة للأثار الخاصة بأطراف الإستحواذ، وإذا تم البدء بالمستحوذ، نجد أن من الأثار المترتبة على المستحوذ أنه يحقق السيطرة الفعلية على الشركة المستحوذ عليها، حيث يعد هذا الأثر من المزايا التي يتمتع بها المستحوذ ولكن يختلف نطاق هذه السيطرة من خلال ما إذا كان الإستحواذ كلى أو جزئي، بحيث أنه تتحقق السيطرة الكاملة على مجلس الإدارة ما إذا كان الإستحواذ كلي، وتتحقق التشاركية في أخذ قرار مجلس الإدارة ما إذا كان الإستحواذ جزئي، وأيضاً يتحقق التوسع الاقتصادي والهيمنة والحد من المنافسة، وكذلك مشاركة أرباح الشركة، والإستفادة من جميع الخبرات، وتفادى إجراءات تأسيس شركة من خلال الإستحواذ على شركات متعثرة.

إقرأ أيضاً: انقضاء الشركات في النظام السعودي الجديد

ومن الأثار المترتبة على المستحوذ أيضاً، إكتساب الحقوق من الشركة المستحوذ عليها، حيث أنه وفق لائحة الإندماج والإستحواذ، فبمجرد إعتماد هيئة سوق المالية في السعودية لعملية الإستحواذ تترتب الأثار في صالح المستحوذ والتي تكون بصور كبيرة متمثلة فما ذكرنا من قبل، وهي السيطرة على الشركة المستحوذ عليها.

  • الأثار المترتبة على الشركة المستحوذ عليها

وتجدر الإشارة إلى الأثار التي تترتب بالشركة المستحوذ عليها، حيث أن الإستحواذ في حال كان جزئي فيتم عمل ما يسمى بغربلة الإدارة داخل الشركة، مما يؤدى لفقد المساهمين قوتهم داخل مجلس إدارة الشركة المستحوذ عليها، أما إذا كان الإستحواذ كلى، فقد يؤدى هذا الأمر إلى القيام بتغيير شامل لمجلس إدارة الشركة المستحوذ عليها، وفى حال كانت إعادة هيكلة بالإستحواذ فمن شأنها أن تنهي شخصية إعتبارية واحدة.

  • الأثار المترتبة على الغير

وننتقل بعد ذلك للحديث عن الأثار العامة المترتبة عن الإستحواذ على الغير، ولمعنى الغير هنا عدة صور، بحيث ينتج عن عملية إعادة الهيكلة بالإستحواذ أثار إيجابية تعود على المستهلك، من حيث تنوع وتطور الخدمات التي ستقدم له.

  • الأثار المترتبة على الأسواق المالية

هذا بالإضافة للأثار المترتبة على الأسواق المالية في المملكة، حيث أن الإستحواذ في حد ذاته يعد من أكبر العمليات الداعية للإستثمار سواء كان إستثمار مباشر أو إستثمار غير مباشر، وبهذا يسهم الإستحواذ بإنتاج عوائد إيجابية للأسواق المالية في السعودية من خلال حركة تبادل الأسهم، بجانب زيادة السيولة في أسواق المال، مما يؤثر إيجاباً في أسعار الأسهم.

  • الأثار المترتبة على حرية المنافسة

ويجب علينا أيضاً أن لا ننسى الأثار المترتبة على حرية المنافسة في المملكة العربية السعودية، حيث أن عملية إعادة الهيكلة بالإستحواذ يترتب عليها أثار على حرية المنافسة تتمثل أولاً في التركز الإقتصادي وهو كل عمل ينشأ منه نقل كلي أو جزئي لملكية أصول أو حقوق أو أسهم أو حصص أو إلتزامات منشأة إلى منشأة أخرى أو الجمع بين إدارتين أو أكثر في إدارة مشتركة وهذا التعريف منصوص عليه في نظام المنافسة السعودي، كما يكون الأثر الثاني المترتب على حرية المنافسة هو الهيمنة، والذي تكون من خلاله المنشأة أو مجموعة منشآت مسيطرة على نسبة معينة من السوق التي تمارس نشاطها فيها أو قادرة على التأثير فيها أو بهما معاً، وهذا التعريف وارد أيضاً نظام المنافسة السعودي.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.