الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة في قانون العمل السعودي
هل سبق وأن وقفت حائرًا أمام الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة في قانون العمل السعودي، وكيف يؤثر هذا الفرق بشكل مباشر على استقرارك الوظيفي وحقوقك القانونية؟ لا يعتبر عقد العمل في المملكة العربية السعودية مجرد ورقة يتم توقيعها في بداية العلاقة الوظيفية، بل هو الخريطة التي توضح لك حقوقك وواجباتك، والفهم الجيد لنوع العقد ومميزاته هو أول وأهم خطوة لتحصيل ما لك من حقوق والالتزام بما عليك من واجبات.
لكن السؤال الأهم: أيهما أفضل لك: العقد محدد المدة أم العقد الغير محدد المدة؟ والإجابة هنا ليست بـ نعم أو لا، بل تعتمد على ظروفك وطبيعة عملك وأهدافك المهنية.
وفي هذا المقال، نأخذك في جولة مبسطة وشاملة لفهم الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة في قانون العمل السعودي.
عقد العمل في النظام السعودي
هو عقد مبرم بين طرفين، هما: صاحب العمل وهو الطرف الذي يدير العمل ويشرف عليه، والعامل وهو الطرف الذي يتعهد بالعمل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه مقابل الحصول على أجر.
يجب أن يحتوي عقد العمل وفقًا للنموذج الذي تضعه الوزارة على مجموعة من المعلومات الأساسية، بما في ذلك: معلومات الطرفين "اسم صاحب العمل ومكانه، واسم العامل وجنسيته ومعلومات إثبات شخصيته وعنوان إقامته" وكذلك نوع العمل ومكانه، وتاريخ الالتحاق به، ومدة العقد إذا كان محدد المدة، والأجر المتفق عليه، بما في ذلك المزايا والبدلات، والحقوق والالتزامات الأساسية لكل من صاحب العمل والعامل.
أنواع العقود في نظام العمل السعودي
تختلف عقود العمل في النظام السعودي باختلاف طبيعة الوظيفة وعدد ساعات العمل ومدة العقد ، وهي على النحو التالي:
- العقد محدد المدة.
- العقد الغير محدد المدة.
- عقد العمل المؤقت.
- عقد العمل الموسمي.
- عقد العمل لمهمة محددة.
- عقد العمل بالدوام الجزئي.
- عقد العمل المرن.
- عقد العمل البحري.
- عقد التأهيل والتدريب.
وسوف نفصل القول في الفقرات التالية حول الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة من حيث التعريف والمميزات، وفقًا لما اعتمده نظام العمل السعودي.
الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة من حيث التعريف
عقد العمل محدد المدة هو الذي يرتبط بإنجاز مهمة محددة خلال فترة زمنية معينة، وينتهي بانتهاء مدته، مع إمكانية تجديده باتفاق الطرفين، بينما العقد الغير محدد المدة فهو عقد مفتوح لا ينتهي إلا لسبب مشروع أو برغبة أحد الطرفين مع الالتزام بفترة إشعار كتابية.
وفي حال عدم مراعاة فترة الإشعار، يلتزم الطرف الذي أنهى العقد بدفع تعويض يعادل أجر مدة الإشعار، وفي حال كان العامل غير سعودي ولم يحدد العقد مدته، فتعتبر مدته سنة قابلة للتجديد.
مميزات العقد محدد المدة لأصحاب العمل
توفر عقود العمل المؤقتة لأصحاب الأعمال عددًا من المزايا الإدارية والمالية المهمة، أبرزها أنها تتيح للشركات التحكم في التكاليف من خلال تحديد استحقاقات الموظفين، والمزايا المالية مع انتهاء مدة العقد.
كما تمنح هذه العقود المرونة في إدارة القوى العاملة، حيث يحق للشركة إنهاء العقد بشكل طبيعي عند انتهاء مدته دون أي التزام بالتجديد.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقليل المخاطر القانونية، من خلال الحد من احتمالية مواجهة مطالبات الفصل التعسفي في العقد محدد المدة، مما يخفف الأعباء المالية المحتملة مثل تعويضات إنهاء الخدمة.
على أي حال، ينصَح دائمًا بضرورة أن تقوم المؤسسات بصياغة بنود العقد، مع تحديد كافة الشروط والمهام والمزايا بشكل واضح ودقيق منذ البداية.
ضمانات قانونية للعامل في العقد محدد المدة
يضمن قانون العمل للعامل الذي يبرم عقدًا محدد المدة مجموعةً من الحقوق الأساسية، تظل ساريةً طوال مدة العقد بجانب حقه في الحصول على الأجر الكامل والمتفق عليه شاملًا المكافآت والعلاوات.
أبرز هذه الحقوق التمتع بكافة أنواع الإجازات سواء السنوية أو المرضية أو الرسمية، كما يلتزم صاحب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية والتأمين الصحي والاجتماعي، والتعويض في حالات الإصابة أثناء العمل أو الإخلال ببنود العقد.
من الحقوق المهمة أيضًا، حصول العامل على إشعار مسبق بشأن تجديد العقد أو إنهائه مع اقتراب انتهاء مدته، علمًا بأن هذه الحقوق قد تختلف في تفاصيلها بناءً على ما ورد في بنود العقد الموقع بين الطرفين.
مميزات العقد غير محدد المدة
يعد العقد محدد المدة نموذجًا مثاليًّا للاستقرار الوظيفي، حيث يتميز بعدم ارتباطه بفترة زمنية محددة، مما يمنح كلًّا من صاحب العمل والموظف مرونةً كبيرة.
ولعل من أبرز مزاياه ضرورة تبادل إشعار مسبق بين الطرفين في حال الرغبة في إنهاء العقد، لضمان حماية حقوق الجميع.
كما يفتح هذا النوع من العقود الباب أمام فرص التطور الوظيفي، حيث يحصل الموظف على فرص أكبر للتدريب، والتدرج في السلم الوظيفي، والاستفادة من أنظمة المكافآت والحوافز والامتيازات المتعددة، وبالتالي ضمان حياة كريمة.
هذا فضلًا عن الاستقرار النفسي والمادي الذي ينعكس إيجابًا على إنتاجية الموظف وولائه للمؤسسة، والحصول على مكافأة نهاية الخدمة محسوبة على أساس آخر أجر، وتطبيق أحكام قانون العمل بشكل واضح والتي غالبًا ما تكون أكثر حمايةً للموظف في حالات إنهاء العقد.
الأسباب المشروعة لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة
يمكن إنهاء عقد العمل بشكل قانوني في الحالات التالية:
- إنهاء العقد بالتراضي بين الطرفين وتوقيع اتفاقية مكتوبة.
- انتهاء المدة المتفق عليها في العقد دون حاجة لإشعار.
- حق العامل في إنهاء العقد مع إشعار مدته 60 يومًا وفقًا للنظام السعودي.
وقد يكون الفصل فوريًّا لأسباب تأديبية، أبرزها:
- الاعتداء الجسدي أو اللفظي في مكان العمل.
- التزوير أو تقديم مستندات مزورة.
- الغياب غير المبرر لمدة تزيد عن 30 يومًا خلال سنة.
- الإخلال الجسيم بالواجبات الأساسية.
- السلوك المخالف للأخلاق أو إلحاق الضرر بصاحب العمل.
كذلك يحق لصاحب العمل إنهاء العقد مع إشعار 60 يومًا في حالات إعادة الهيكلة أو الظروف الاقتصادية.
تحويل عقد العمل محدد المدة إلى غير محدد المدة
بموجب نصوص قانون العمل، خاصةً المادة 105 منه، يتم تحويل عقد العمل محدد المدة إلى غير محدد المدة تلقائيًّا بمجرد انتهاء مدته الأصلية واستمرار طرفيه -صاحب العمل والموظف- في تنفيذ بنوده دون اتفاق صريح على تجديده لمدة محددة جديدة.
ولا تقتصر حالات هذا التحول على تلك الحالة الأساسية فقط، بل تمتد لتشمل حالات أخرى، كأن يكون العقد غير مكتوب أصلًا، أو أن يخلو من أي شرط يحدد مدته، أو أن تتجاوز مدة العقد موثقًا ومتجددًا أربع سنوات متتالية، أو أن يتضمن شرطًا للتجديد التلقائي ثم يتم التجديد ثلاث مرات متتالية.
لذا، ينبغي التنبه لهذه الأحكام ومراجعة العقود وتجديدها بشكل واضح قبل انتهاء مدتها، لتجنب أي آثار قانونية غير مقصودة.
الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة من حيث التعويض
إذا أنهى أحد الطرفين عقد العمل دون سبب مشروع قانونًا، فإنه يكون ملزمًا بدفع تعويض مالي للطرف الآخر، ويختلف مقدار هذا التعويض حسب نوع العقد على النحو التالي: في العقود محددة المدة، يحق للطرف المتضرر الحصول على تعويض يعادل أجره عن المدة المتبقية من العقد، على ألا يقل هذا التعويض عن قيمة أجر شهرين، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق في العقد على مبلغ تعويض مختلف.
أما في حالة الفصل التعسفي في العقد غير محدد المدة، فيحسَب التعويض على أساس أجر 15 يومًا عن كل سنة من سنوات الخدمة، على ألا يقل المجموع عن أجر شهرين كاملين، ما لم ينص العقد على مبلغ تعويض محدد آخر.
الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة من حيث جنسية الموظف
يمكن للموظفين السعوديين العمل بموجب أي من نوعي العقد، سواء كان العقد محدد المدة والذي ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها، أو العقد الغير محدد المدة الذي يستمر حتى يتم إنهاؤه وفقا للوائح النظام.
أما الموظفون غير السعوديين، فيلزمون بالعمل فقط بعقود محددة المدة بغض النظر عن عدد مرات تجديدها، ويهدف هذا الفرق إلى تنظيم سوق العمل وحماية حقوق جميع الأطراف وفقًا للأنظمة المحلية المعتمدة.
محامي صياغة عقود معتمد
في ظل بيئات العمل المتجددة والعلاقات الوظيفية المتشابكة، يصبح عقد العمل حجر أساس تبنى عليه العلاقة بين صاحب العمل والموظف.
وقد يبدو توقيع عقد العمل خطوةً روتينية للبعض، لكنه يشكل في الواقع الوثيقة القانونية التي ستحدد مستقبلك المهني وتحمي حقوقك في حال نشوب أي نزاع.
كثيرون لا يدركون المخاطر الكامنة في العقود غير المدروسة، والتي قد تخفي بين سطورها بنودًا مجحفة أو غامضة تتحول لاحقًا إلى مصدر للصراعات المكلفة.
هنا تأتي أهمية الاستعانة بمتخصصين في صياغة العقود، الذين يمتلكون الخبرة القانونية الكافية والفهم الجيد لتفاصيل نظام العمل السعودي بما في ذلك الفرق بين العقد محدد المدة وغير محدد المدة وآلية صياغة كل منهما، وغيرها من الأمور ذات الصلة.
العقد الجيد ليس مجرد ورقة يتم توقيعها، بل هو خريطة طريق واضحة تحدد بدقة حقوق وواجبات كل طرف، وتتوقع السيناريوهات المستقبلية، وتوفر حلولًا عملية لها قبل وقوعها، وكلها تفاصيل تحتاج إلى عينٍ قانونية خبيرة.
لذا، عندما تكون على وشك توقيع عقد عمل جديد أو تجديد عقد قائم، أو حتى مراجعة حقوقك في عقد سابق، فإن الاستعانة بمتخصصين في صياغة العقود يمكن أن يكون الاستثمار الأمثل لحماية مستقبلك المهني.
يقدم لك فريقنا في مكتب سهل للمحاماة استشارات قانونية متخصصة لمراجعة وصياغة عقود العمل بما يتوافق مع نظام العمل السعودي، لحماية حقوقك والحفاظ على علاقة متوازنة مع صاحب العمل.
