تعد الأسواق المالية ضمن الركائز الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الحديث، حيث تمثل المنصة المُنظِّمة لتبادل الأدوات والأصول المالية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
وبناءً على ذلك، فإن التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل الوطني في المملكة العربية السعودية، وفقًا لرؤية 2030، يعتمد بشكل كبير على الفهم الشامل لطبيعة الأسواق المالية وآليات عملها.
في هذا المقال، نسلط الضوء على تعريف الأسواق المالية وتوضيح أنواعها وأهدافها، ونستعرض تأثيرها على مختلف جوانب الاقتصاد السعودي، لنقدم لك رؤيةً مستنيرةً حول هذه المنظومة ودورها في دعم النمو والازدهار الاقتصادي في المملكة.
الأسواق المالية هي نظام متكامل يشمل ساحات أو منصات "سواء كانت مادية كالبورصات التقليدية أو إلكترونية كما هو الحال في معظم الأسواق الحديثة" يتم فيها تداول مختلف الأدوات والأصول المالية بين المشترين والبائعين من الأفراد والشركات والحكومات، بهدف توجيه المدخرات والاستثمارات نحو الاستخدامات الأكثر إنتاجية في الاقتصاد.
يمكن تبسيط أنواع الأسواق المالية الرئيسية على النحو التالي:
وهو سوق مخصص للتعاملات المالية قصيرة الأجل، ذات السيولة العالية والمخاطر المنخفضة، حيث تقترض أو تستثمر فيه المؤسسات الكبيرة مثل البنوك أو المؤسسات الحكومية لفترات قصيرة، مثل أذونات الخزانة وشهادات الإيداع قصيرة الأجل.
وفيها يتم تداول أدوات مالية طويلة الأجل مثل الأسهم والسندات، وتنقسم هذه السوق إلى "السوق الأولية" التي يتم فيها إصدار وبيع الأوراق المالية لأول مرة، و"السوق الثانوية" والتي يتم فيها تداول الأوراق المالية التي تم إصدارها بالفعل مثل البورصة.
وفيها يتم تداول العقود المالية التي تستمد قيمتها من أصول أخرى مثل العقود الآجلة.
والتي يتم فيها تداول العملات الأجنبية.
تعتبر عملية التداول المحرك الأساسي للأسواق المالية، حيث يتم من خلالها تبادل الأدوات والأصول.
ولفهم كيفية عمل هذه الأسواق، من الضروري أن نستعرض الطرق المختلفة التي يتم بها تنفيذ عمليات البيع والشراء، وهي على النحو التالي:
وفيه يقوم الطرفان المشتري والبائع بإجراء صفقة مالية بشكل مباشر دون تدخل وسيط مالي، ويتم الاتفاق على شروط الصفقة "السعر والكمية وتاريخ التسوية" بين الطرفين بشكل مباشر.
وهي الطريقة الأكثر شيوعًا للتداول في الأسواق المالية، خاصةً بالنسبة للمستثمرين والأفراد والعديد من المؤسسات.
وفي هذه الطريقة يقوم الوسيط المالي بدور الوسيط بين المشتري والبائع، حيث يقوم بتنفيذ أوامر التداول نيابة عن عملائه.
وتشير هذه الطريقة من طرق التداول في الأسواق المالية إلى استخدام المنصات والبرامج الإلكترونية لتنفيذ عمليات التداول في الأسواق المالية، وهي طريقة حديثة وأصبحت الأكثر انتشارا في الوقت الحالي.
في هذه الطريقة توفر شركات الوساطة منصات تداول إلكترونية، سواء تطبيقات ويب أو برامج قابلة للتنزيل، تسمح للمستثمرين بمراقبة الأسعار، وتحليل الرسوم البيانية وإصدار أوامر الشراء والبيع بشكل مباشر.
يستخدم بعض المتداولين برامج حاسوبية وخوارزميات محددة لتنفيذ الصفقات تلقائيًا بناءً على معايير محددة، ومثال ذلك: التداول عالي التردد "HFT" الذي يتميز بسرعة التنفيذ العالية وعدد الصفقات الكبير.
تتوفر جميع طرق في المملكة العربية السعودية بدرجات متفاوتة، ويعد التداول عبر الوسطاء الإلكترونيين هو الأكثر شيوعًا بين المستثمرين الأفراد في سوق الأسهم السعودية "تداول".
كما أن المؤسسات الكبيرة قد تلجأ إلى التداول المباشر أو التداول عبر وسطاء متخصصين في صفقات كبيرة أو في أسواق خارج البورصة.
يتم تداول مجموعة متنوعة من الأدوات التي تمثل أصولًا أو التزامات مالية، وهذه الأدوات هي الأساس الذي تقوم عليه عمليات الاستثمار والتمويل وإدارة المخاطر في الاقتصاد الحديث، وفيما يلي أمثلة على بعض أدوات الأسواق المالية:
تلعب الأسواق المالية دورًا هامًّا في دعم وتنمية الاقتصادات الحديثة، ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:
توجه الأسواق المالية رؤوس الأموال والمدخرات من الأفراد والشركات التي لديها فائض نقدي إلى تلك التي لديها فرص استثمارية تحتاج إلى تمويل.
ويمكن هذا التدفق الشركات من التوسع وإنشاء مشاريع جديدة وتطوير تقنيات مبتكرة، الأمر الذي يساعد في زيادة إنتاجيتها وخلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.
توفر الأسواق المالية مجموعة متنوعة من الأدوات والمنتجات الاستثمارية التي تشجع الأفراد والشركات على ادخار جزء من دخلهم أو أرباحهم من خلال تقديم خيارات استثمارية جذابة تتناسب مع مختلف مستويات المخاطرة والعائد.
تعمل الأسواق المالية على جمع هذه المدخرات الصغيرة والمتفرقة وتحولها إلى رؤوس أموال كبيرة قابلة للاستثمار، وهذا ضروري لتوفير الموارد اللازمة لتمويل المشاريع طويلة الأجل وتعزيز الاستقرار المالي.
تمكن الأسواق المالية المستثمرين من شراء وبيع الأصول المالية بسهولة وسرعة، وبالتالي تحويل استثماراتهم إلى نقد عند الحاجة دون تكبد خسائر كبيرة. هذا يعني أن وجود أسواق مالية ذات سيولة عالية يقلل من مخاطر الاستثمار ويشجع على المشاركة الأوسع فيها، مما يعزز من كفاءة تخصيص الموارد.
تعمل الأسواق المالية كآلية فعالة لتحديد أسعار الأصول المالية المختلفة بناء على قوى العرض والطلب، حيث أن تفاعل المشترين والبائعين في السوق يعكس توقعاتهم وتقييماتهم للأصول، وهذه العملية ضرورية لتحديد الأسعار بشفافية لضمان كفاءة السوق وتجنب التقييمات الخاطئة التي قد تؤدي إلى فقاعات أو انهيارات اقتصادية.
توفر الأسواق المالية أدوات وآليات متنوعة لتوزيع وإدارة المخاطر المالية، على سبيل المثال: يمكن للمستثمرين تنويع محافظهم الاستثمارية عبر مجموعة متنوعة من الأصول لتقليل تعرضهم لمخاطر محددة.
كما توفر الأسواق المالية أدوات مثل العقود الآجلة والخيارات التي تسمح للأفراد والشركات بتحويل جزء من مخاطرهم إلى أطراف أخرى مستعدة لتحملها مقابل عائد.
يساهم توزيع وإدارة المخاطر في استقرار النظام المالي ويشجع على القيام بمشاريع استثمارية ذات مخاطر أعلى، ولكنها قد تحقق عوائد أكبر على المدى الطويل.
تتمثل أهمية الأسواق المالية أيضًا في توفير فرص استثمارية متنوعة للأفراد والمؤسسات على حد سواء، مما يمكنهم من تنمية مدخراتهم وتحقيق أهدافهم المالية المختلفة، فضلًا عن مساعدة الشركات على جمع رؤوس الأموال اللازمة للتوسع في أعمالها، وتمويل مشاريعها الابتكارية، ودخول أسواق جديدة، وهو ما يدفع عجلة النمو الاقتصادي.
على صعيد آخر، تساهم الأسواق المالية في تعزيز الشفافية و الحوكمة في الشركات المدرجة من خلال فرض متطلبات إفصاح دقيقة وشاملة، توفر معلومات قيمة للمستثمرين وتعزز الثقة في السوق ككل.
إذا كنت ترغب في الحصول على استشارات قانونية حول أنظمة الأسواق المالية والامتثال، أو تمثيلك في المنازعات والإجراءات التنظيمية، أو تقديم الدعم لشركتك في عمليات التأسيس، والطروحات، والاندماج، وصياغة العقود وغير ذلك، فيمكنك التواصل الآن مع مكتب سهل للمحاماة والتعاقد مع نخبة من أفضل المحامين المعتمدين في المملكة العربية السعودية.