تبرز أهمية التعرف على مسؤولية المساهم في شركة المساهمة كأحد الجوانب القانونية الأساسية التي تنظم العلاقة بين الشركاء والشركة من جهة، وبين الشركة والغير من جهة أخرى.
نلقي في هذا المقال نظرة موجزة على الإطار القانوني العام الذي يحدد مسؤولية الشريك في شركة المساهمة وفقًا للنظام السعودي، مع التأكيد على المبادئ الأساسية التي تحكم هذه المسؤولية.
في البداية، يتعين علينا توضيح مفهوم الشركة المساهمة في نظام الشركات الجديد، فهي الشركة التي يؤسسها شخص واحد أو أكثر، بحيث يقسم رأس مالها إلى أسهم قابلة للتداول.
يتميز هذا النوع من الشركات بكونه مسؤولًا وحده عن الديون والالتزامات المترتبة على أعمالها وأنشطتها، بينما تقتصر مسؤولية المساهم فيها على أداء قيمة الأسهم التي اكتتب فيها.
الشركة المساهمة ليست نوعًا واحدًا، حيث نص النظام السعودي على إمكانية تأسيس ثلاث أنواع تندرج تحتها، على النحو التالي:
من الأهمية بمكان، وقبل التعرف على مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة وفق النظام السعودي، أن نوضح بعضًا من الخصائص الأساسية لهذا النوع من الشركات:
أنها نوع من أنواع "شركات الأموال".
يلتزم المساهمون في شركات المساهمة بموجب النظام السعودي بدفع القيمة المتفق عليها للأسهم التي اكتتبوا بها في المواعيد المحددة، وكذلك حضور اجتماعات الجمعية العامة للمساهمين والمشاركة في القرارات التي تتخذ فيها.
يجب على المساهمين أيضًا الالتزام بأحكام نظام الشركة الأساسي وعقد تأسيسها، والقرارات الصادرة عن الجمعيات العامة ومجلس الإدارة.
في حال تأسيس شركة مساهمة في المملكة العربية السعودية، فينبغي استيفاء الشروط التالية:
بعد أن وضحنا بالتفصيل مفهوم الشركة المساهمة في المملكة وأنواعها وخصائصها وشروط تأسيسها، بقي أن نوضح حدود مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة، وقد تناولها النظام السعودي على النحو التالي:المبدأ العام، هو المسؤولية المحدودة للمساهم في الشركة، ويًقصد بها أن مسؤولية المساهم عن ديون والتزامات الشركة لا تتجاوز قيمة الأسهم التي يمتلكها في رأس مال الشركة.
يحمي هذا المبدأ الأموال الشخصية وممتلكات المساهمين لأنها خارج استثماراتهم في أسهم الشركة، وبالتالي تكون خارج مطالبات دائني الشركة في حال تعرضت الشركة لخسائر أو تراكمت عليها الديون، فإن أقصى ما يمكن أن يخسره المساهم هو قيمة استثماره في تلك الأسهم.
بمعنى آخر، ترتبط مسؤولية المساهم بشكل مباشر بحصته في رأس مال الشركة، وكلما زادت قيمة الأسهم التي يمتلكها زادت مسؤوليته "في حدود قيمة تلك الأسهم.
وبمجرد أن يقوم المساهم بدفع القيمة الكاملة للأسهم التي اكتتب بها، فإن مسؤوليته المالية تجاه الشركة فيما يتعلق بقيمة الأسهم تكون قد انتهت.
عندما حدد نظام الشركات السعودي مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة، فإنه يهدف من خلال ذلك إلى تشجيع الاستثمار من خلال حماية المستثمرين وتشجيعهم على استثمار أموالهم في الشركات المساهمة دون خوف من تحمل مسؤولية شخصية غير محدودة عن ديون الشركة.
كذلك، أصبح من الأسهل على الشركات المساهمة جذب عدد كبير من المستثمرين برؤوس أموال متفاوتة، الأمر الذي يمكّنها من تمويل مشاريع ضخمة.
جدير بالذكر، أن مبدأ المسؤولية المحدودة للمساهمين في الشركات المساهمة، يسمح بتحمل المخاطر المرتبطة بالمشاريع التجارية بشكل أكثر جرأة، لأنهم يدركون أن خسائرهم ستكون محصورة في قيمة استثماراتهم.
قد توجد بعض الحالات الاستثنائية التي يمكن فيها مساءلة المساهم بشكل شخصي، ومع ذلك هي حالات محدودة جدًّا، وتتطلب إثباتًا قانونيًّا واضحًا، بما يتوافق مع المبادئ القانونية العامة ونظام الشركات السعودي، ويمكن إيجازها على النحو التالي:
تحمل المسؤولية القانونية عن تأسيس الشركة بطرق غير قانونية أو احتيالية، في حال ثبت أن المساهم كان متورطًا بشكل مباشر في تأسيس الشركة بناءً على معلومات كاذبة أو بطرق احتيالية بهدف الإضرار بالغير.
تحمل المسؤولية الجنائية في حال ارتكب المساهم جريمة جنائية تتعلق بالشركة مثل: التزوير أو الاحتيال أو غسل الأموال، وذلك بموجب قانون العقوبات بغض النظر عن مسؤوليته كمساهم.
تحمل المسؤولية في حال تدخل المساهم بشكل مباشر في إدارة الشركة بطريقة مخالفة للقانون، وبشكل يلحق ضررًا جسيمًا بالآخرين، بما يمتلكه من نفوذ كبير في الشركة، وفي هذه الحالة يجب إثبات وجود تدخل شخصي مباشر وسوء نية وتسبب في الضرر.
تحمل المسؤولية في حال اكتتب المساهم في أسهم ولم يقم بدفع قيمتها بالكامل وفقًا لشروط الاكتتاب، وهنا يكون المساهم مسؤولًا عن دفع المبلغ المتبقي، وهذه ليست مسؤولية عن ديون الشركة تجاه الغير، بل هي مسؤولية تجاه الشركة نفسها لسداد قيمة الأسهم.
وضحنا فيما سبق مسؤولية المساهم في الشركة المساهمة، أما في شركات التضامن والتوصية البسيطة، يكون الشركاء المتضامنون مسؤولين مسؤولية شخصية وتضامنية عن ديون الشركة.
وفي الشركات ذات المسؤولية المحدودة، هناك بعض الحالات التي يمكن فيها مساءلة المديرين والشركاء شخصيًّا بشروط معينة ينص عليها النظام، هذا رغم وجود مسؤولية محدودة في هذا النوع من الشركات.
يتطلب تأسيس شركة مساهمة في المملكة العربية السعودية التزامًا باللوائح النظامية والضريبية، لذا يكون من الضروري استشارة محامي متخصص يساعدك في التأكد من استيفاء الشروط المطلوبة لتأسيس هذا النوع من الشركات، وإعداد الوثائق القانونية بما في ذلك عقد التأسيس ونظام حوكمة الشركة وتوثيق العقود لدى وزارة التجارة والجهات الأخرى المعنية.
للمحامي أيضًا دور كبير في تسهيل إجراءات تأسيس الشركة والحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية وتسجيل الشركة رسميًّا، مع ضمان الالتزام بالقوانين والأنظمة المعتمدة، وتمثيل الشركة في حال وجود نزاعات قانونية أو مخالفات نظامية.
يقدم لك المحامي عصارة خبراته ويساعدك في اختيار الهيكل القانوني الأمثل للشركة، ويقدم المشورة حول حوكمة الشركة وإدارة المساهمين وتحديد مسؤولياتهم داخل الشركة.
يمكنك الآن أن تتواصل مع مكتب سهل للمحاماة، لبدء إجراءات تأسيس شركتك بنجاح أو الاستفسار عن أي موقف قانوني يواجهك، وكن على ثقة أنك تتعامل مع نخبة من المتخصصين في هذا المجال ممن يضمنون لك سرعة الانطلاق دون التعرض لأي مخاطر قانونية.
في الختام، نوضح لك أن مسؤولية المساهم في شركة المساهمة هي مسؤولية محدودة، حيث لا يمكن لدائني الشركة مطالبته بأكثر من قيمة أسهمه لسداد ديون الشركة، وتكون أمواله الشخصية وممتلكاته الأخرى بمنأى عن هذه المطالبات، ولكن مسؤوليته تقتصر على دفع القيمة الكاملة للأسهم التي اكتتب بها.
يمكنك معرفة المزيد من التفاصيل حول هذه المعلومات بالاطلاع على نظام الشركات السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 28/1/1437هـ ولائحته التنفيذية، أو استشارة محامي متخصص في هذا المجال.