7 قراءة دقيقة
30 Apr
30Apr

إذا كنت مدعى عليه في قضية أمام المحاكم الشرعية، فمن الضروري أن تنتبه جيدًا لما يُعرف بالمادة الخامسة والسبعين من نظام المرافعات الشرعية السعودي، والتي تحدد مجموعةً من الدفوع الأساسية التي يجب عليك تقديمها في بداية الجلسة الأولى، وإلا خسرت حقك في تقديمها لاحقًا، وقد تكون هذه الدفوع حاسمة في مسار القضية ومصيرها.

يتضمن نص المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية وجوب تقديم الدفوع التالية أمام المحكمة في بداية الجلسة وقبل أي طلب أو دفاع آخر، وإلا فقد المدعي عليه الحق في تقديمها لاحقًا، وهذه الدفوع هي:

  1. الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لوجود عيب شكلي فيها.
  2. الدفع بعدم اختصاص المحكمة مكانياً بنظر الدعوى.
  3. الدفع بإحالة القضية إلى محكمة أخرى بسبب وجود قضية أخرى متطابقة أو مرتبطة بها ومنظورة أمام تلك المحكمة الأخرى.

تابع قراءة المقال، لتتمكن من الاطلاع على شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية وتوضيحها بشكل قانوني مبسط.

شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

تُسلّط هذه المادة الضوء على نوع خاص من الاعتراضات القانونية يُطلق عليها "الدفوع المؤقتة"، حيث يمنح النظام القانوني المدعى عليه فرصةً محدودةً لتقديمها، لا يمكن تجاوزها. 

ويجب تقديم هذه الدفوع قبل الدخول في تفاصيل القضية الأساسية، وتحديدًا في اللحظات الأولى من الجلسة وقبل طرح أي طلبات أو دفوع أخرى.  

ويتمثل الهدف الأساسي من هذا الترتيب الزمني الدقيق في حصر تقديم هذه الاعتراضات في هذا الإطار الزمني المحدد، وإلا فسيُفقد الحق في إثارتها لاحقًا في مراحل القضية الأخرى.

صور الدفوع المؤقتة في نظام المرافعات الشرعية السعودي

  1. الدفع ببطلان صحيفة الدعوى

يعتبر هذا الدفع ضمن الدفوع الأساسية التي يمكن للمدعى عليه تقديمها، ويُقصد به أن المدعى عليه يعترض على صحة الإجراءات الشكلية للدعوى نفسها، مُشيرًا إلى وجود عيوب جوهرية في "صحيفة الدعوى" وهي المستند الرسمي الذي تُرفع به الدعوى أمام المحكمة. 

ويكون هذا الدفع صحيحًا في حالات محددة، أهمها وجود أخطاء شكلية جوهرية في صحيفة الدعوى، مثل: الخطأ في تحديد المحكمة المختصة، أو الخطأ في أسماء أطراف الدعوى.

لا يُقبل الدفع بالبطلان إذا كانت الأخطاء بسيطة وقابلة للتصحيح، ففي هذه الحالة، يُعطي النظام المحكمة صلاحية إمهال المدعي لتصحيح هذه الأخطاء بدلًا من رفض الدعوى من البداية، وهذا ما أكدت عليه اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية في المادة (٥/٧٥).

كما أن عدم اكتمال بعض البيانات الشكلية في صحيفة الدعوى لا يعني بطلانها، حيث يفرق النظام بين العيوب الجوهرية التي تُبطل الصحيفة، وبين النقص الشكلي الذي يمكن تداركه، حيث توضح المادة ٦٦ من نظام المرافعات الشرعية أن دور القاضي هو مساعدة المدعي في استكمال وتوضيح دعواه قبل البدء في الإجراءات الفعلية ومساءلة المدعى عليه.

  1. الدفع بعدم الاختصاص المكاني

وهذا الدفع معناه أن المدعى عليه يعترض على أن المحكمة ليست هي المختصة بنظر هذه القضية من الناحية المكانية، ويجب تقديم هذا الدفع في بداية أول جلسة لحضور المدعى عليه، وقبل التحدث في شيء آخر، وفوات هذا الوقت يعني أن القاضي سوف يكمل نظر القضية في نفس المحكمة اللي رُفعت فيها، حتى لو كانت ليست هي المختصة من وجهة نظرك.

وقد أضافت اللائحة التنفيذية أنه في حال دفع المدعى عليه بعدم الاختصاص المكاني، فينبغي أن توقع إقرارا تحدد فيه مكان إقامتك وعنوانك الوطني بالتفصيل، حيث يتم ضم هذا الإقرار في ملف القضية.

  1. الدفع بطلب إحالة الدعوى

وهذا الدفع يتقدم به المدعى عليه إلى المحكمة، موضحًا بأن الدعوى المقامة ضده حاليًا هي في جوهرها ذات القضية، أو وثيقة الصلة بقضية أخرى موجودة بالفعل وقائمة أمام محكمة أخرى، لذا فهو يلتمس من المحكمة إحالة هذه الدعوى إلى المحكمة الأخرى التي سبقت بالشروع في نظر القضية الأصلية.

ويتمثل الهدف الأساسي من الدفع بطلب الإحالة هو الحيلولة دون الازدواجية والفوضى القضائية، وألا يتم نظر الموضوع أو النزاع نفسه من قبل قاضيين مختلفين في محكمتين متباينتين في آن واحد، وذلك لتجنب الأحكام المتضاربة، وتوحيد الإجراءات، وتوفير الوقت والجهد لأطراف الدعوى.

ولكي تقبل المحكمة الدفع بطلب الإحالة، عليها التحقق من كون القضيتين متطابقتين أو مرتبطتين ارتباطًا وثيقًا في ثلاثة عناصر جوهرية، هي: الموضوع والسبب والخصوم، كما يجب توافر شرطين رئيسيين في المحكمة المراد إحالة الدعوى إليها، هما: الاختصاص واستمرار الخصومة.

  1. الدفع بالإحالة بسبب الارتباط بين قضيتين

ويركز هذا الدفع على فكرة الارتباط بين قضيتين، أي أن القضية المرفوعة أمام المحكمة حاليًا وثيقة الصلة بقضية أخرى سبق رفعها أمام محكمة أخرى، في الموضوع أو السبب، وفي هذه الحالة يكون من الأفضل جمعهما أمام قاضٍ واحد، بهدف منع الأحكام المتعارضة.

ولكي تقبل المحكمة الدفع بالإحالة للارتباط، يجب توفر شرطين أساسيين، هما: وحدة الموضوع أو السبب، واختصاص المحكمة المُحال إليها، ويجب تقديم هذا الدفع في بداية الجلسة، وقبل إبداء أي طلب أو دفاع آخر في القضية الجديدة، كما هو الحال مع الدفوع المؤقتة الأخرى.

وفي حال فات موعد الدفع بالارتباط، فإن المحكمة الثانية قد توقف السير في قضيتها مؤقتًا إذا تبين لها وجود ارتباط حقيقي بالقضية الأولى.

  1. الدفع بالتمسك بالتحكيم

في بعض الأحيان يكون هناك اتفاق مسبق بين الطرفين المتنازعين على حل أي خلاف بينهما عن طريق التحكيم وليس عن طريق المحاكم، ويكون هذا الاتفاق مكتوبًا في العقد المبرم بينهما، ويتعين على المحكمة أن تقبل بدفع أحد الأطراف في القضية بالتمسك بالتحكيم إذا كان هناك اتفاق تحكيم صحيح.

وقد أوضح نظام المرافعات الشرعية السعودي على ضرورة تقديم هذا الدفع في أول الجلسة وقبل تقديم أي طلب أو دفاع آخر في القضية، ولو تأخر عن ذلك يسقط الحق في التمسك بالتحكيم، والسبب في ذلك هو أن سكوت الطرف عن التمسك بالتحكيم في أول فرصة وتجاوبه مع إجراءات المحكمة يعتبر موافقة ضمنية منه على إلغاء اتفاق التحكيم والتنازل عنه، وقبوله بالاحتكام إلى المحكمة.

الدفوع المؤقتة في حالة غياب المدعى عليه بعد التبليغ

في حال تم تبليغ المدعى عليه بموعد الجلسة وفقًا للإجراءات النظامية المعتمدة، سواء كان التبليغ شخصيًّا أو لغير شخصه، وتخلف عن الحضور، وبعد أن باشر القاضي النظر في الدعوى، يسقط حق المدعى عليه في تقديم الدفوع المؤقتة، ويعتبر المدعى عليه في هذه الحالة متبلغًا بالدعوى حكما، وذلك استنادا إلى أن التبليغ وفق الأصول النظامية يعد علما قانونيًّا بالدعوى، حتى وإن لم يكن التبليغ شخصيًّا، كما هو مبين في المادة الرابعة عشرة من هذا النظام.

وقف الدعوى باتفاق الخصوم في نظام المرافعات الشرعية

وفقًا لـ نظام المرافعات الشرعية السعودي، يجوز لأطراف الدعوى الاتفاق على وقف سيرها لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، تبدأ من تاريخ موافقة المحكمة على هذا الاتفاق، ومع ذلك، فإن هذا الوقف لا يؤثر على أي مواعيد قانونية محددة لإجراءات أخرى.

إذا رغب أحد الأطراف في استئناف الدعوى قبل انتهاء المدة المتفق عليها، يمكنه ذلك بموافقة الطرف الآخر، وإذا لم يستأنف الأطراف الدعوى خلال عشرة أيام من انتهاء مدة الوقف، تعتبر الدعوى كأنها لم تكن، ويعتبر المدعي متنازلًا عنها.

في الختام، لا يمكن التغاضي عن الدور المحوري الذي يلعبه المحامي في تطبيق نص المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية السعودي، فهو ليس مجرد ممثل قانوني، بل شريك أساسي لك في مواجهة الدعاوى القضائية، حيث يتولى مسؤولية فحص صحيفة الدعوى بدقة متناهية، مكتشفًا أي عيوب شكلية قد تؤثر على سير القضية. 

كما يتولى تحديد الاختصاص المكاني للمحكمة، وهو أمر بالغ الأهمية لضمان سير العدالة في مكانها الصحيح، ولا يقتصر دوره على ذلك، بل يمتد ليشمل تقييم إمكانية طلب إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى، وهو إجراء قد يكون حاسمًا في توحيد الإجراءات وتجنب الأحكام المتضاربة.

يمكنك الآن الحصول على المشورة القانونية المناسبة في هذا السياق فور تواصلك مع نخبة من المحامين المتخصصين في مكتب سهل للمحاماة، فهو اختيارك الأمثل لتحقيق أهدافك القانونية في المملكة العربية السعودية.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.