يمثل إبرام عقد شراكة بين طرفين الإطار القانوني الذي ينظم العلاقة التعاقدية بين شريكين أو أكثر، ويحدد الأسس التي يقوم عليها تعاونهم في المشاريع التجارية أو الاستثمارية المشتركة.
ومع كثرة الشراكات في بيئة الأعمال السعودية، يصبح وجود عقد شراكة محكم ضرورة قانونية وعملية لحماية مصالح جميع الأطراف.
يضمن هذا العقد وضوح الرؤية ويحدد بدقة متناهية جميع البنود الأساسية التي تم الاتفاق عليها، بما في ذلك حصص المساهمات المالية أو العينية ونسبة توزيع الأرباح والخسائر وإدارة الشركة والالتزامات والحقوق المترتبة على كل شريك.
نستعرض في هذا المقال نموذجًا متكاملًا يوضح كيفية كتابة صيغة شراكة بين طرفين، مع شرح لأهم البنود التي يجب أن يتضمنها، وأبرز أنواع عقود الشراكة المعمول بها وفقًا للنظام السعودي.
مفهوم الشراكة في القانون السعودي
الشراكة هي عقد يترتب عليه التزامات متبادلة بين طرفين أو أكثر، بالاتفاق على إدارة مشروع مشترك وتقاسم أرباحه. تتنوع أشكال الشراكة لتشمل:
- شراكة عامة، يتحمل فيها جميع الشركاء المسؤولية بالتضامن عن التزامات الشركة، ويتقاسمون الإدارة والأرباح.
- شراكة محدودة المسؤولية، يتمتع فيها بعض الشركاء بمسؤولية مالية لا تتجاوز حجم حصتهم في رأس المال.
- شراكة مع شريك صامت، وهو الذي يساهم بحصة مالية أو عينية دون أن يشارك في الإدارة أو العمليات اليومية.
وفي حال كتابة عقد شراكة بين شخصين في مشروع ما بدقة، فإنه يحدد نطاق مسؤوليات كل شريك وحصته في الأرباح والخسائر، وفقًا للأنظمة التجارية السارية.
هل إبرام عقد شراكة بين طرفين ملزم؟
سواء تم توثيق عقد شراكة بين طرفين أو لا، فإنه يكون ملزمًا لأطرافه، وفي حالة عدم التزام أحد الأطراف به، فيكون من حق الطرف الآخر رفع دعوى قضائية يطلب فيها إلزام الطرف غير الملتزم بما تم الاتفاق عليه في العقد.
شروط الشراكة بين طرفين وفقا للنظام السعودي
وفقًا للنظام المعتمد في المملكة العربية السعودية، فإنه ينبغي تحقيق الشروط التالية عند إبرام اتفاق شراكة بين شخصين:
- توافر الأركان الأساسية "الإيجاب والقبول" وشروط الصحة العامة "الرضا، الأهلية، المحل، والسبب".
- لا يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة مجرد نفوذ أو سمعة شخصية أو ثقة مالية.
- في حال كانت حصة الشريك عينية غير نقدية، فيجب تقدير قيمتها عند توقيع العقد بناءً على اتفاق الطرفين أو معايير تقييم سليمة.
- لا تكون المسؤولية المالية للشركاء تجاه الدائنين بالضرورة مسؤولية تضامنية، بل يمكن أن تكون على أساس الحصة.
- يجوز أن تختلف حصص الشركاء في قيمتها أو نوعها، كما يمكن أن تكون الحصة متمثلة في جهد شخصي أو مساهمة عينية مثل المعدات والأدوات اللازمة للنشاط.
- تحدد حصة كل شريك عند إبرام العقد، ولا يجوز تعديلها أو زيادتها إلا بموافقة كتابية صريحة من جميع الشركاء.
- يتم توزيع الأرباح والخسائر وفقًا لنسبة مساهمة كل شريك في رأس المال، مع جواز الاتفاق على نسب توزيع مختلفة بشرط توثيق ذلك في العقد.
- لا يجوز أن يكون حصَّة أي شريك في الربح مبلغًا ثابتًا ومضمونًا، بل يجب أن يتوقف استحقاقه على تحقيق أرباح فعلية، بما يضمن تقاسم المخاطرة بين جميع الشركاء.
كيفية كتابة عقد شراكة بين طرفين
يجب أن يتضمن أي عقد شراكة بين طرفين البيانات والمعلومات التالية:
- البيانات المتعلقة بالطرفين المتعاقدين.
- موضوع العقد.
- مدة العقد.
- غرض الشركة.
- مركز الشركة.
- حصة كل شريك وفق معايير موضوعية وصحيحة.
- التزامات الطرفين.
- آلية توزيع الأرباح والخسائر.
- آلية حل النزاعات.
- حظر منافسة الشركاء
- الأنظمة والقوانين التي يخضع لها العقد.
- نسخ العقد.
ينبغي أن يتضمن أي عقد تجاري بين طرفين كافة البنود السابق ذكرها، وفي هذه الحالة ينصح دائمًا بالتواصل مع محامي معتمد متخصص في صياغة العقود، لضمان توافق العقد مع الأنظمة السعودية وحماية الحقوق بشكل كامل.
صيغة عقد شراكة بين سعودي ومقيم
المقيم، هو الشخص الذي لا يحمل الجنسية السعودية، ولا يطبّق عليه النظام المعاملات الممنوحة للمواطنين السعوديين، وفيما يلي بنود عقد شراكة بين طرفين أحدهما سعودي والآخر مقيم:
- تاريخ إبرام العقد، ومكانه.
- اسم الشريك الأول، جنسيته، حالته الاجتماعية، مهنته، محل إقامته.
- اسم الشريك الثاني، جنسيته، حالته الاجتماعية، مهنته، محل إقامته.
- اسم المشروع وطبيعة نشاطه وموقعه.
- رأس المال المشترك ونسبة مساهمة كل شريك.
- الإدارة.
- توزيع الأرباح.
- تحمل الخسائر.
- مدة العقد، ومدى إمكانية تجديده.
- إنهاء العقد.
- حل النزاعات.
- الأحكام العامة.
- توقيع كل من الطرفين المتعاقدين.
يعد هذا العقد وثيقة ملزمة للطرفين وورثتهما، ولا يجوز تعديل أي من بنوده إلا بموافقة خطية من كلا الطرفين، كما يتعين على كل طرف إخطار الطرف الآخر كتابيًّا بأي تغيير في عنوانه.
ومع ذلك، يعد هذا النموذج عامًا، وقابل للتعديل وفقًا لظروف كل حالة، ولا يمكن الاستغناء عن محامي متخصص في النظام التجاري السعودي لمراجعته قبل التوقيع.
نصائح عملية لصياغة عقد شراكة بين طرفين آمن وخالٍ من المشكلات
لضمان صحة عقد الشراكة واستدامته بين الأطراف في المملكة العربية السعودية، يوصى باعتماد الاستراتيجيات التالية كإطار وقائي يحفظ الحقوق ويحد من النزاعات المحتملة:
- تحديد دور ومسؤوليات كل طرف من الأطراف المتعاقدة بوضوح.
- توثيق كافة البنود والتفاصيل بدقة ووضوح، لتشكل مرجعية قانونية تحول دون حدوث أي التباس أو سوء فهم مستقبلي.
- الاستعانة بمحامي متخصص في صياغة العقود لمراجعة العقد والتأكد من تلبيته لكافة المتطلبات القانونية والشرعية قبل التوقيع عليه.
- اعتماد آلية واضحة لحل النزاعات التي قد تنشأ بين الطرفين، وتتمثل أهم هذه الآليات في الوساطة أو التحكيم.
- ضرورة تضمين بند يلزم الأطراف بتقديم تقارير مالية دورية وشفافة، لتمكين جميع الشركاء من متابعة الأداء المالي للشراكة والكشف المبكر عن أي مخاطر محتملة.
- تضمين بند يتضمن آلية واضحة للتواصل وتبادل البيانات والإشعارات الرسمية بين الأطراف، لضمان استمرار التنسيق الفعال وحسن إدارة الشراكة.
- إدراج بند ينظم عملية التقييم الدوري لأداء الشراكة، بهدف قياس مدى تحقيق الأهداف المتفق عليها وضمان استمرار تحقيق المصالح المشتركة للأطراف.
الآثار القانونية المترتبة على عدم كتابة عقد شراكة بين شخصين في مشروع
في حال عدم كتابة عقد شراكة بين طرفين، قد يتعرض الشريك لمخاطر متعددة منها:
- تحمل أعباء والتزامات تفوق ما تم الاتفاق عليه شفهيا.
- مواجهة إنكار من قبل الشريك الآخر للاتفاقيات المبرمة.
- عدم الحصول على الحقوق المالية والإدارية المتفق عليها.
- الحرمان من وسيلة الإثبات القانونية في حال نشوب نزاع.
لذا، تعد صياغة وتوثيق عقد شراكة بين طرفين واضح ومفصل الضمان الأساسي لحماية مصالح جميع الطراف، لأنه الوثيقة القانونية الوحيدة المعتمدة في تسوية النزاعات، وتحديد مسؤوليات كل شريك بدقة والحصص المالية وآلية حل الخلافات، وبالتالي الحفاظ على استمرارية المشروع وحماية الاستثمارات من المخاطر غير المحسوبة.
محامي صياغة عقد شراكة بين طرفين
ولأن هذه العملية تتطلب مزيدًا من الدقة والاحترافية، لذا ينبغي الاستعانة بمحامي معتمدمتخصص في النظام السعودي، حيث الحماية من التعرض لأي نزاعات قانونية مكلفة مسبقًا، وذلك للأسباب التالية:
- أن المحامي يضمن توافق العقد مع أحدث التعديلات في الأنظمة السعودية، ومنح العقد الصلاحية القانونية.
- توفر الخبرة العملية في صياغة البنود الدقيقة التي تغطي كافة الجوانب الخفية التي قد يتغاضى عنها الأطراف، مثل آلية حل النزاعات، وشروط انسحاب أو إضافة شريك، وحالات حل الشراكة، وكيفية تقييم الحصص العينية، مما يمنع الثغرات التي تهدد استقرار الشراكة.
- يساهم المحامي في تحقيق التوازن بين مصالح الطرفين، وتقديم المشورة الموضوعية التي تحول دون وقوع طرفٍ ضحية لشروط مجحفة.
توفّر هذه الخطوة وقت وجهد الأطراف، وتضمن لهم راحة البال بأن شراكتهم قائمة على أسس قانونية سليمة، قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية وحماية استثماراتهم من المخاطر غير المحسوبة.