11 قراءة دقيقة
02 Oct
02Oct

يؤكد لنا المشهد الاقتصادي في المملكة العربية السعودية أن القطاع غير الربحي هو بمثابة شريك استراتيجي في تحقيق طموحات رؤية 2030، وبناء مجتمع حيوي متكامل.

إنه قطاع يعبر عن ضمير الأمة وطاقتها الإنسانية، حيث يتجاوز منطق الربح المادي إلى تحقيق منفعة مجتمعية شاملة. ولم يعد دور هذا القطاع مقتصرًا على الأعمال الخيرية التقليدية، بل أصبح عنصرًا أساسيًّا للابتكار الاجتماعي وتمكين المواطن وتعزيز التماسك المجتمعي.

لذا، فإن تنمية القطاع الغير ربحي وفهم أسس حوكمته أصبح ضرورةً ملحةً، وهذا ما نحاول تحقيقه عبر سطور هذا المقال، من خلال إلقاء الضوء على طبيعة هذا القطاع وأنواعه وخصائصه وإجراءات تأسيسه في السعودية. 

مفهوم القطاع غير الربحي

ربما تلاحظ قيام بعض المؤسسات بخدمة المجتمع دون السعي لتحقيق أرباح! وهذا هو صميم عمل المنظمات غير الربحية. فهي منظمات تطوعية في الأساس تنشأ بمبادرات ذاتية من أفراد المجتمع، وتعمل باستقلالية عن الحكومة، وهدفها الرئيسي تقديم الخدمات العامة ودفع عجلة التطور الاجتماعي.

تمنح الحكومة هذه المنظمات إعفاء ضريبيًّا لأنها تعمل للمنفعة العامة، ويعتمد دخلها بشكل أساسي على التبرعات، وهي بدورها لا تدفع ضرائب على هذه التبرعات أو على الأموال التي تجمعها من أنشطتها.

تتنوع أشكال القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية لتشمل:

أشكال القطاع غير الربحي
  1. الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
  2. لجان التنمية الاجتماعية.
  3. الغرف التجارية والجمعيات العلمية والمهنية.
  4.  المستشفيات والجامعات غير الربحية.
  5. الجمعيات التعاونية والصناديق العائلية.

الخصائص الأساسية لـ القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية

  1. الهدف الأساسي هو تحقيق منفعة عامة وخدمة المجتمع في مجالات متنوعة كالتعليم والصحة والثقافة، وليس تعظيم الأرباح أو تحقيق كسب مادي للمؤسسين أو المساهمين.
  2. يجب توجيه أي إيرادات أو أرباح تحققها المنظمة من أنشطة أو تبرعات حصريًّا نحو دعم أهدافها المجتمعية المعلنة، ويمنع توزيعها على الملاك أو المساهمين.
  3. يسمح لهذه المنظمات بممارسة أنشطة تجارية واستثمارية كمراكز التدريب أو الاستشارات، بشرط أن تكون وسيلة لتمويل أهدافها الأساسية وليست غاية في حد ذاتها.
  4. يتمتع القطاع غير الربحي بإعفاء من الضرائب والزكاة والجمارك وفق ضوابط محددة، الأمر الذي يشكل حافزًا مهمًّا لدعم استدامتها المالية وتشجيع التبرعات لها.
  5. لهذا القطاع الحق في قبول التبرعات النقدية والعينية وإدارتها واستثمارها وفق شروط الواهب وبما يتوافق مع نظامها الأساسي والأنظمة ذات العلاقة.
  6. يخضع هذا القطاع لأحكام نظام الشركات ولائحته التنفيذية، حيث يحدد شكلها القانوني، وتخضع لرقابة وزارة التجارة والمركز الوطني لـ تنمية القطاع الغير ربحي.
  7. يتطلب إجراء أي تعديلات جوهرية على النظام الأساسي للشركة -خاصةً ما يتعلق بمصارف الأموال أو التصرف في الأصول- الحصول على موافقة مسبقة من وزارة التجارة لضمان عدم انحرافها عن أهدافها.
  8. لا يسمح لهذا القطاع بطرح أسهمه للاكتتاب العام في السوق المالية، للحفاظ على طبيعتها غير الربحية ومنع تحولها إلى كيان تجاري.
  9. يجوز للجهات الحكومية والهيئات العامة وموظفي القطاع العام تأسيس أو المشاركة في تأسيس هذه الشركات، مع الالتزام بضوابط منع تضارب المصالح.

القطاع غير الربحي في رؤية 2030

تهدف رؤية 2030 إلى تعزيز دور القطاع غير الربحي لتزيد مساهمته في الاقتصاد الوطني من أقل من 1% إلى 5%، وهذا يجعله شريكًا أساسيًّا في التنمية إلى جانب القطاعين الحكومي والخاص.

يدعم القطاع غير الربحي الابتكار والمشاركة المجتمعية، ويقدم خدمات فعالة في مجالات مثل التعليم، الصحة، والرعاية الاجتماعية، ويخفف العبء على الحكومة والقطاع الخاص.ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال:

  1. تمكين المؤسسات غير الربحية عبر توفير التمويل، التدريب، وتطوير الأنظمة لمساعدتها على العمل بكفاءة.
  2.  تعزيز الثقة من خلال تحسين الحوكمة والشفافية لجذب التبرعات والمتطوعين.
  3.  الدعم المؤسسي من خلال إنشاء المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي وتعديل الأنظمة لتسهيل عملها.
  4. تعاون وزارات مثل الموارد البشرية والتعليم والصحة مع هذه المؤسسات لتوسيع نطاق خدماتها.

 وقد حققت المملكة تقدمًا ملحوظًا، حيث زادت عدد الجمعيات غير الربحية والعاملين فيها، وبدأت مساهمتها في الاقتصاد في النمو.

القطاع غير الربحي في رؤية 2030

تنمية القطاع الغير ربحي

تنمية القطاع الغير ربحي هي عنصر أساسي في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى زيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي وتعزيز أثره الاجتماعي والاقتصادي.

وتتم هذه التنمية من خلال إطار مؤسسي منظم، حيث يعد المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي الجهة الرئيسية المسؤولة عن قيادة هذه الجهود.

تم إنشاء المركز بموجب قرار مجلس الوزراء ليقوم بمهام تنظيم القطاع والإشراف المالي والإداري عليه، وتسهيل إجراءات الترخيص للمنظمات غير الربحية، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية والشركاء من القطاع الخاص والمجتمعي.

يعمل المركز وفق رؤية واضحة تهدف إلى تمكين قطاع غير ربحي فاعل وقادر على المساهمة في التنمية المستدامة، من خلال تبني حوكمة شاملة وتوفير الدعم اللازم للمنظمات غير الربحية، مما يمكنها من توسيع نطاق عملها وزيادة تأثيرها في المجالات التنموية المختلفة. 

أهمية حوكمة القطاع الغير ربحي 

تعد حوكمة القطاع الغير ربحي عنصرًا أساسيًّا لضمان فعالية وشفافية عمل منظماته، حيث تقوم على مبادئ أساسية أهمها:

  1.  الشفافية والمساءلة

ويتحقق هذا المبدأ من خلال الإفصاح الدوري عن التقارير المالية والإدارية، وبالتالي تعزيز ثقة المانحين والمجتمع في كيفية إدارة الموارد وتحقيق الأهداف.

  1.  العدالة والمسؤولية 

والتي تضمن معاملة جميع الأطراف المعنية بعدالة، وتحديد المسؤوليات داخل المنظمة بشكل واضح لضمان الالتزام بالقوانين والمعايير المعمول بها.

تمثل هذه المبادئ إطارًا متكاملًا، يساهم في تعزيز مصداقية القطاع غير الربحي ويدعم دوره التنموي في المملكة العربية السعودية. 

أهم المهارات المطلوبة لإدارة القطاع غير الربحي بنجاح

يحتاج القطاع غير الربحي مثله مثل القطاعات الربحية إلى مهارات أساسية تضمن نجاحه وتحقيق أهدافه الاستراتيجية، ومن ذلك:

  1. وضع خطط واضحة وقابلة للتنفيذ لتحقيق رسالة المنظمة وأهدافها.
  2. الإدارة المالية الشفافة، من خلال تتبع التبرعات وإثبات استخدام الأموال بشكل مسؤول للحفاظ على ثقة المانحين والجمهور.
  3. مواكبة أحدث الاتجاهات في القطاع وتطوير مهارات الفريق باستمرار.
  4. تطوير علاقات قوية مع المانحين والجهات الداعمة لضمان استدامة الموارد.
  5. تعزيز رسالة المنظمة وبناء سمعة قوية عبر القنوات المناسبة لجذب الدعم.
  6. استقطاب المتطوعين وتدريبهم وتحفيزهم بشكل فعال، لأنهم عماد المنظمة.
  7. تحفيز فريق العمل واتخاذ قرارات مدروسة لتوجيه المنظمة نحو تحقيق أهدافها.
  8. بناء هيكل تنظيمي قوي والتأكد من الامتثال للمتطلبات القانونية وإدارة المخاطر.
  9. بناء شراكات قوية داخل المجتمع المحلي لتعزيز الدعم وزيادة التأثير.
  10.  العمل بشكل وثيق مع مجلس الإدارة مع الحفاظ على فصل واضح للمسؤوليات لضمان الشفافية والحوكمة الرشيدة.
  11. الإشراف على البرامج وتقييم فعاليتها للتأكد من تحقيقها للأثر المطلوب.
  12. بناء ثقافة تنظيمية داعمة ومتنوعة للإشراف على الموظفين والمتطوعين.
  13. طلب الملاحظات وتقييم أداء المنظمة بشكل مستمر لضمان الكفاءة والفعالية.
  14. البحث عن المرشدين "Mentors" وتكوين شبكة علاقات مهنية قوية للاستفادة من الدعم والمعرفة.

خطوات تأسيس منظمة غير ربحية في المملكة العربية السعودية

يمكن تأسيس منظمة غير ربحية في المملكة العربية السعودية وفقًا للخطوات التالية:

  1. تحديد رسالة المنظمة ورؤيتها وأهدافها ومقاييس نجاحها، على أن يكون ذلك متوافقًا مع أولويات المجتمع التي حددتها رؤية 2030.
  2. اختيار الشكل القانوني المناسب للمنظمة، لتحديد الجوانب التنظيمية والمالية والتشغيلية لها، وذلك وفقًا لنظام الشركات السعودي.
  3.  إعداد دراسة جدوى وخطة عمل مفصلة تثبت الجدوى والضرورة المجتمعية للمنظمة.
  4. التقدم بطلب التسجيل إلكترونيًّا عبر البوابة المخصصة للمنظمات غير الربحية التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مع إرفاق جميع المستندات المطلوبة، ثم انتظار الموافقة الرسمية من الوزارة واستلام الترخيص.
  5. فتح حساب بنكي مستقل باسم المنظمة، مع الالتزام بتسجيل كافة المعاملات المالية بدقة وشفافية.
  6. إنشاء نظام محاسبي وضريبي متكامل يتوافق مع متطلبات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.

 يمكنك التواصل مع مكتب سهل للمحاماة للتعرف على المزيد من المعلومات حول أنواع القطاع غير الربحي في المملكة وخصائصه وخطوات تأسيسه.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.